আমার পাতা … আমার জীবন (প্রথম পর্ব)
أوراقي … حياتي (الجزء الأول)
জনগুলি
أبي يقف في الفرندة كما كان يقف في الشرفة البحرية في الإسكندرية، يحكي لنا عن الصراعات في مجلس النواب بين حزب الوفد وأحزاب الأقلية، الصراع داخل حزب الوفد بين النحاس باشا وأحمد ماهر باشا، يوجه أبي الحديث إلى إخوتي الصبيان: «تصوروا هذا الباشا من الأحرار الدستوريين مش عاوز الفقراء يأكلون العيش الحاف، عاوزهم يموتوا من الجوع! يتهم النحاس وحكومة الوفد أنها أغدقت النعم على الفلاحين والعمال والموظفين، فين النعم دي يا باشا؟! الأسعار بتزيد يوم ورا يوم، والماهية هي هي، وإن زادت شوية ملاليم يبقى خير من عند ربنا.»
في عام 1940م قدمت حكومة الوفد إلى مجلس النواب قانونا ينص على عدم الحجز على بيت الفلاح المفلس العاجز عن دفع الضرائب، صاح الباشوات من النواب: هذه بلشفية!
سألت أبي: يعني إيه بلشفية؟ فقال: يعني شيوعية، يعني إيه شيوعية؟ يعني كل حاجة تبقى على «المشاع». لم أفهم ما معنى كلمة «المشاع»، ستي الحاجة فهمتها، قالت وهي تشوح بيدها الكبيرة المشققة: أهو الباشا ده زي العمدة في كفر طحلة، لا يمكن يرتاح إلا لما الفلاحين يموتوا من الجوع ، لكن ربنا مع الفقرا دايما.
في الأعياد يتجمع في الفرندة أقارب أمي وأبي، تتزعم عائلة السعداوي ستي الحاجة أو عمتي رقية بلسانها السليط، تتزعم عائلة شكري بيه خالتي هانم أو فهيمة أو خالي يحيى أو زكريا.
صراع يدور في الفرندة أشبه بالصراع في مجلس النواب، ينضم الفلاحون من عائلة أبي إلى حكومة الوفد والنحاس، وتنضم عائلة شكري بيه إلى الباشوات من أمثال أحمد ماهر والنقراشي وأحزاب الأقلية.
لم يكن أبي عضوا في حزب الوفد، أو أي حزب آخر، يقول: إن الأحزاب تتلاعب بالشعب تحت اسم الدستور والنظام الديمقراطي. مشايخ الأزهر والإخوان المسلمين يتلاعبون باسم «الشيخ أبو دقن». «تصوروا الشيخ أبو دقن يتعاون مع الملك والإنجليز تحت اسم الإسلام، ويقول لنا: «وأطيعوا أولي الأمر منكم»، ويقول للملك فاروق: الله معك، يرد عليه الملك يقول له: نعم الله معنا. دي شعوذة مش إسلام يا شيخ مراغي!»
كانت طنط هانم تحب الملك فاروق، تؤمن أن الله معه فعلا، عمتي رقية ترى أن الله مع النحاس، يتوتر الجو بين أقارب أبي وأمي، ترمق طنط هانم جلباب عمتي رقية بازدراء، يضع خالي زكريا ساقه فوق الساق الأخرى ويقول بطرف أنفه المرتفع: الله مع الملك طبعا.
تشوح ستي الحاجة بيدها المعروقة في وجه خالي زكريا: وماله ياخويا، خليه معاه، لكن النحاس معاه كل الناس!
ينفجر الجميع في الضحك، ستي الحاجة تضحك حتى تدمع عيناها، تمسحهما بطرف الطرحة السوداء وهي تهمس: «أستغفر الله العظيم، اللهم اجعله خير يا رب.» •••
الحرب العالمية الثانية قامت، أجبر الإنجليز الفلاحين في مصر على زراعة مساحات أكبر من القمح والحبوب لإطعام جيوش الحلفاء، تدهور إنتاج القطن، زادت المضاربات في البورصة لصالح الإنجليز والباشوات، حالت ظروف الحرب دون نقل الأسمدة، ارتفعت الأسعار، حدد الإنجليز أسعارا تعسفية للقطن المصري تقل عن السعر العالمي؛ بحجة أن رفع سعر القطن لا يفيد إلا الباشوات، غضب الباشوات في حزب الوفد والأحزاب الأخرى، أعلنوا أن الإنجليز يزرعون الحقد بين الطبقات في مصر، يشجعون الشيوعية والإلحاد، انتهز الملك الفرصة ليضرب حزب الوفد والنحاس، أقدم الملك على ما يشبه الانقلاب الدستوري، أعلن توليه زمام الأمور، لا أحد يستطيع أن يؤثر عليه إذا تبين له صواب لأمر، يعمل لصالح شعبه، واثقا من نفسه، متوكلا على الله الذي يلهمه، الله دائما معه.
অজানা পৃষ্ঠা