আমার পাতা … আমার জীবন (প্রথম পর্ব)

নওয়াল সাদাওয়ি d. 1442 AH
113

আমার পাতা … আমার জীবন (প্রথম পর্ব)

أوراقي … حياتي (الجزء الأول)

জনগুলি

ويسألونك عن المحيض قل هو أذى فاعتزلوا النساء في المحيض ولا تقربوهن حتى يطهرن ، ألزم الفراش في هذه الأيام وأعتزل العالم، أقول لنفسي: «بيدي لا بيد عمرو.» سأعتزل أنا العالم ولن أعطيه الفرصة كي يعتزلني، يتمرد جسدي على جسدي وتتقلص العضلات في أحشائي فيصيبني المغص الحاد، ما إن أرى الدم في ملابسي حتى أشعر بالغثيان، أكف عن الأكل وإن قرصني الجوع، وإذا أكلت تقيأت.

لا أكف عن تطهير نفسي، أغسل جسمي بالمياه الساخنة والصابون عدة مرات، أكاد أنقع نفسي في الماء المغلي والصودا الكاوية، أفتح الدش فوق رأسي وأتشهد، كما أنا في معركة أموت فيها من أجل الطهارة وابتغاء مرضاة الله، اقرأ الفاتحة والشهادة وبعض أجزاء من سورة مريم أو سورة النساء، تصورت أن هذه السور تناسب هذه الحالة النسائية أكثر من السور الأخرى.

لحسن الحظ جاء عيد الهجرة في يوم لا أعاني فيه من الأذى، كنت أخشى أن تأتي المناسبة الطاهرة في يوم لا أكون فيه طاهرة، كان المدرسون يقولون لنا: إن النساء في أيام المحيض يجب ألا يقفن بين يدي الله للصلاة، وألا يقرأن بصوت مسموع أو غير مسموع حرفا واحدا من القرآن الكريم أو أحاديث الرسول

صلى الله عليه وسلم . كنت أرتعد في الحصة حين يطلب مني قراءة شيء من هذه الكلمات المقدسة، كان الموت أهون من الإعلان في الفصل عن حالتي من حيث المحيض، منذ أدركني هذا الأذى وأنا أخفيه عن الناس جميعا بمن فيهم أمي وأفراد أسرتي في البيت، كأنما هو جريمة أو إثم عظيم أنا المسئولة عنه.

منذ أن طلب مني المدرس أن ألقي كلمة في عيد الهجرة وأنا أدعو الله أن يمنع عني الأذى ذلك اليوم، لم يكن لي أن أقف فوق المنصة أتحدث بصوت عال تسمعه الآذان عن الهجرة النبوية الكريمة، وأستشهد بآيات من القرآن والأحاديث الشريفة وأنا ملتبسة بما يستوجب اعتزال النساء حتى يتطهرن. وكنت أقترف الإثم في السر وأنا أعد كلمتي داخل المكتبة، كنت أعرف أن الله يراني ويعرف متى يأتيني المحيض، وكم عذبتني هذه الفكرة التي لم تفارقني منذ الطفولة.

حفظت كلمتي عن ظهر قلب لألقيها في الاحتفال بعيد الهجرة، كانت قبيلة قريش تؤمن بالأصنام، وهي تماثيل من الحجر لا تنفع ولا تضر، كان سيدنا محمد يدعو الناس للإيمان بالله الواحد الأحد والقرآن الكريم. استعدت قريش لقتل النبي فهرب منها في ظلام الليل، رقد في فراشه ابن عمه «علي بن أبي طالب»، في الطريق إلى المدينة المنورة اختبأ النبي وصاحبه في كهف مهجور، أرسل الله عنكبوتا فنسج خيوطا فوق الباب، هذه معجزة من معجزات الله، رأى كفار قريش خيوط العنكبوت فلم يدخلوا الكهف، قال لهم عقلهم أن لا أحد دخل الكهف وإلا تمزقت خيوط العنكبوت على الباب، مضوا في طريقهم، خرج النبي محمد وصاحبه من الكهف، وصلوا إلى المدينة المنورة سالمين، استقبلهم جموع الأنصار بالفرح والتهليل.

وقفت على المنصة في مدرسة حلوان، القاعة مليئة بالتلميذات والمدرسات والمدرسون جالسون في الصفوف الأمامية، تتوسطهم الناظرة والضيوف من وزارة المعارف، أنا واقفة مشدودة القامة مرفوعة الوجه نحو السماء، ألقي كلمتي بصوت أبي، يتهدج صوتي وأنا أنطق اسم الله تعالى، أحرك ذراعي في السماء وأنا أقول: معجزة من معجزات الله، أن يأتي العنكبوت في هذه اللحظة وينسج خيوطه فوق الباب! أضغط على مخارج الألفاظ والحروف، أمد كلمة العنكبوت من علامة التأكيد والإيمان المطلق بمعجزة الله، أحس الخفقان تحت ضلوعي والدموع تكاد تقطر من عيني. أسمع التصفيق يدوي في القاعة فأعيد المقطع عن العنكبوووووت بصوت أم كلثوم أو عبد الوهاب يغني أحد المواويل أو الشيخ محمد رفعت في الراديو يتلو القرآن باللحن البطيء الممطوط.

أصبحت لي سمعة طيبة في المدرسة، يشيرون إلي بالبنان، هذه هي التلميذة المثالية، تجمع بين العلم والإيمان، تتفوق في الكيمياء والفيزياء والبلاغة وفصاحة اللسان، تكتب النثر والشعر وتحفظ الأحاديث والقرآن.

هكذا ارتبط الأدب العربي في خيالي بالإسلام، بدأ الدين يدخل وجداني مع حبي للأدب، نسيت طفولتي، لا أعرف كيف تحولت من طفلة تشك في عدالة الله إلى فتاة رشيدة شديدة الإيمان، فقدت قدرتي الفطرية على اكتشاف التناقضات، وفي النوم لم يعد الله يتجسد أمامي بشكل آدمي أو غير آدمي، الشيطان أيضا غاب عن أحلامي، من تحت الوسادة يسري إلي صوت التصفيق الحاد يدوي في القاعة، فكاي ينفتحان عن آخرهما، أتثاءب، أشد قصة العنكبوت وأتشدق بمعجزات الله.

أفتح عيني في منتصف الليل أشعر بالإثم، أنهض إلى دورة المياه أتوضأ ثم أعود إلى العنبر على أطراف أصابعي، أفرش قطعة من ملابسي فوق البلاط كأنما هي سجادة صلاة، أتهجد لله ركعتين أو ثلاثا، أقرأ بصوت غير مسموع بعض الآيات من القرآن الكريم، كانت هي الآيات ذات الجرس الموسيقي كأنما قصيدة شعرية ذات وزن وقافية:

অজানা পৃষ্ঠা