فتساءل الآخر في هدوء مغيظ: أتريد أن تصير أبا بلا ثمن؟
فلزم أدهم الصمت وهو ينفخ، فقال إدريس متعطفا: أنت حكيم، وقد جئت أعرض عليك عملا تستعين به على إسعاد المخلوقات القادمة، إن هذا الذي نسمع مقدمات تشريفه الأول وليس الأخير، فإن شهواتنا لا تقنع إلا بأن تبني فوقنا تلا من الذرية الصاخبة، ما رأيك؟ - الضياء يلوح فاذهب لتستوفي نومك.
وتعالى الصراخ، متتابعا متواصلا، حتى ضاق أدهم بموقفه فرجع إلى الكوخ الذي شف عنه الظلام، وبلغه وأميمة ترسل تنهيدة عميقة مثل ختام أغنية حزينة. اقترب من باب الكوخ وهو يتساءل: كيف الحال عندكم؟
فجاءه صوت الداية وهو يقول: «انتظر!» تحفز قلبه للارتياح عندما خيل إليه أن الصوت يوحي بالظفر. وما لبث أن لاحت المرأة في الباب وهي تقول: رزقت بذكرين! - توءمين؟ - فليرزقك الله برزقهما.
وصكت أذنيه ضحكة إدريس من وراء ظهره وسمعه يقول: إدريس الآن أب لأنثى وعم لذكرين.
ومضى نحو كوخه وهو يغني: «البخت والقسمة فين يا دي الزمان قوللي». وعادت الداية تقول: ترغب الأم في أن يسميا قدري وهمام.
فراح أدهم يغمغم وقد استخفه السرور: قدري وهمام، قدري وهمام.
13
قال قدري وهو يجفف وجهه بذيل جلبابه: فلنجلس؛ لتناول طعامنا.
فقال همام وهو ينظر نحو الشمس المائلة للغروب: نعم، سرقنا الوقت.
অজানা পৃষ্ঠা