فقال زكريا معاتبا: ليتك أبلغتنا الخبر!
فقال بالهدوء نفسه: جاءوا به عند منتصف الليل فلم أجد من أرسله إليك!
فقال صادق في قلق: إنه مريض بلا شك.
فقال العجوز: سيصحو على أحسن حال.
فقال حسن: فلنوقظه لنطمئن عليه.
ولكن يحيى قال بحزم: بل علينا أن ننتظر حتى يستيقظ بنفسه.
73
كان جالسا في الفراش، مسند الظهر إلى وسادة، ساحبا الغطاء عليه حتى أعلى الصدر، تعكس عيناه نظرة متفكرة. وكانت قمر متربعة عند قدميه، حاملة على صدرها إحسان، وهذه تحرك يديها الصغيرتين دون توقف، وتصدر أصواتا رقيقة غريبة لا يدري أحد عن سرها شيئا. وتصاعد من مبخرة في وسط الحجرة خيط بخور، يتلوى، ثم ينكسر، ثم ينتشر، نافثا أريجا كأنما يبوح بسر لطيف. ومد الرجل يده إلى خوان قرب الفراش فتناول قدح كراوية، واحتسى منه قليلا قليلا، ثم أعاده وليس به إلا ثمالة، والمرأة تناغي الطفلة وتداعبها، ولكن نظراتها القلقة المسترقة إلى زوجها دلت على أن مناغاتها ومداعباتها ليست إلا مداراة لمشاعرها. وأخيرا سألته: كيف أنت الآن؟
فاتجه رأسه بحركة عفوية نحو باب الحجرة المغلق، ثم أعاده إليها، وقال بهدوء: ليس ما بي مرض!
فتجلت في عينيها نظرة حائرة وقالت: يسرني أن أسمع هذا، ولكن خبرني بالله عما بك!
অজানা পৃষ্ঠা