فقال خنفس متهكما: المصائب تجيء من العقل الزنخ.
وقال بيومي وهو يضيق عينيه: لكنهم يقولون إنك تعيد عليهم ما سمعته من الجبلاوي نفسه!
فبدت الحيرة في عينيه، وتردد للمرة الثانية، ثم قال: هكذا فهمت أقواله لأدهم ولجبل!
فصاح خنفس غاضبا: أقواله لجبل لا تحتمل التأويل.
واشتد الحنق ببيومي، وقال لنفسه: «كلكم كذابون، وجبل أول كذاب فيكم يا لصوص!» وقال: أنت تقول إنك سمعت الجبلاوي، وتقول هذا ما يريده الجبلاوي، وليس لأحد أن يتكلم باسم الجبلاوي إلا ناظر وقفه ووريثه، ولو أراد الجبلاوي أن يقول شيئا لقاله له، هو الأمين على وقفه ومنفذ شروطه العشرة. يا معتوه كيف تحقر القوة والجاه والثراء باسم الجبلاوي وهي مزاياه وصفاته؟!
فنمت الأسارير الصافية عن ألم وقال: إني أخاطب أهل حارتنا لا الجبلاوي، هم الذين تركبهم العفاريت، وهم الذين تعذبهم المطالب.
فصاح به بيومي: ما أنت إلا عاجز عن القوة والجاه؛ فلذلك تلعنهما، ولترفع مكانتك الحقيرة في نظر الأغبياء من أهل حارتنا فوق مكانة السادة، وعندما تجدهم طوع يديك تنهب بهم القوة والجاه!
فاتسعت عينا رفاعة دهشة وتساؤلا: لا غاية لي إلا سعادة أهل حارتنا.
فصاح بيومي: يا ابن الماكرة، أنت توهم الناس بأنهم مرضى، بأننا جميعا مرضى، فلا صحيح غيرك في هذه الحارة! - لماذا تكرهون السعادة وهي بين أيديكم؟ - يا ابن الماكرة! ملعونة السعادة التي تجيء من مثلك!
فتساءل رفاعة متنهدا: لماذا يكرهني أناس وأنا ما كرهت أحدا قط؟!
অজানা পৃষ্ঠা