فقال جبل بامتعاض: دع سعادتي وشأنها وخبرني ألم يصب أحد بسوء؟
فقال دعبس وهو يتناول طوبة ويضرب بها الأرض: قتلوا منا عشرة في عهد الحصار! - يا رب السموات؟ - ذهبوا فداء لقدرة الحقير ابن الحقيرة، ولكنهم ليسوا من أصحابنا!
فقال جبل بحنق: ألم يكونوا من آل حمدان يا دعبس؟
فرمش دعبس حياء وتحركت شفتاه بعذر غير مسموع، فعاد جبل يقول: والآخرون ينعمون بالصفع والبصق!
وشعر الرجل بأنه مسئول عن الأرواح التي أزهقت، وعصر الألم قلبه. ووجد ندما داميا على كل لحظة سلام مرت به منذ هجرته. ودهمه دعبس بقوله: لعلك الوحيد السعيد اليوم من آل حمدان.
فهتف: لم أكف يوما عن التفكير فيكم. - لكنك بعيد عن الهم والغم.
فقال بحدة: لم أفلت من الماضي قط. - لا تبدد راحة بالك بلا أمل، لم يعد لنا أمل.
فردد جبل قوله الأخير ولكن في نبرات غامضة: لم يعد لنا أمل!
فرمقه دعبس باهتمام مستطلعا ولكنه لم ينبس احتراما للحزن المرسوم على وجهه. ونظر إلى الأرض فرأى خنفساء تدب مسرعة حتى اختفت تحت كومة أحجار. وكان الراعي ينفض جلبابه ليغطي جسده الذي ألهبته الشمس. وعاد جبل يقول: في الحق لم أكن سعيدا إلا في الظاهر.
فقال مجاملا: إنك تستحق السعادة عن جدارة. - تزوجت واتخذت لنفسي عملا جديدا كما ترى وما برح نداء خفي يلح في إقلاق منامي. - فليباركك الله، أين تقيم؟
অজানা পৃষ্ঠা