আরবদের ইউরোপীয় সভ্যতায় প্রভাব
أثر العرب في الحضارة الأوروبية
জনগুলি
وأشباه هذه المتناقضات كثيرة في كتب الفلاسفة والمتصوفة وعلماء الكلام، فليس في أقوال الفلاسفة الكبار ما يسوغ رميهم بالنقل والتقيد بالمنقول، ولا نستثني منهم ابن رشد - وهو أشدهم إكبارا لأرسطو - لأنه كان يتناول بعض ما ينتقل عنه ببعض التهذيب.
وهنا مجال لكلمة تقال ويتلاقى فيها النقيضان على خطأ واحد؛ فإن الذين يثبتون أخذ الإسلاميين عن اليونان هم كالذين ينكرون ذلك إذا اعتقدوا فيه غضاضة على الآخذين، كائنا ما كان مقدار ما أخذوه، إذ لا يطلب من أمة أن تبتدع ثقافة جديدة تنقطع عن جميع الثقافات الأولى، ولا يعاب عليها أنها تحج إلى المعرفة حيثما وصلت إليها، وإنما يعاب عليها أن تنطفئ شعلة الثقافة الإنسانية في يديها، وأن تنقطع عندها السلسلة التي اتصلت من مبدأ التاريخ الإنساني إلى أن بلغتها.
وأجمل ما يذكر بالثناء للفلاسفة الإسلاميين في هذا المقام أنهم نسبوا كل مقال إلى صاحبه، ولم يسكتوا عن الإشادة بفضله كلما عرفوه وحققوه، خلافا لما جرى عليه الإغريق فيما أخذوه من علوم الحضارات الأولى، وأن الفلسفة لم تكن في العالم الإسلامي من عمل الحكماء دون غيرهم، بل كانت عملا مشاعا بين كثير من المتعلمين وأشباه المتعلمين. ومن أجل هذا دعت الحاجة إلى المناظرات في مجالس الخاصة، وكتابة الرسائل في المساجلات والردود مما لم يسبق له نظير بين اليونان معاصريهم في الزمن القديم. •••
هذه الفلسفة - أو الفلسفة الصوفية على الخصوص - هي الطريق التي ظهر منها ما ظهر من آثار التفكير الجديد في العالم المسيحي، وفي العقائد الأوروبية على الإجمال.
وربما دلت على مصدر هذه الآثار نظرة واحدة في أرقام السنين التي ازدهر فيها اللاهوت المسيحي، ونجحت فيها دعوة الإصلاح الديني، واشتدت فيها الحملة على الرهبانية، وأعقبها ذلك الترخص المطرد في قيود النسك وقيود الزواج، فلم يحدث شيء من ذلك كله قبل احتكاك أوروبا بالحضارة العربية تارة في الأندلس، وتارة في أثناء الحروب الصليبية، ولبثت المشكلات العقلية والدينية وما يرتبط بها من المشكلات الاجتماعية كامنة في البلاد الأوروبية لا تتسع لها فسحة للظهور والتماس العلاج والتعديل.
فلما توالى الاحتكاك بين المجتمع العربي والمجتمع الأوروبي، وتوالى معه الاحتكاك بين العقول والعقائد، توالى كذلك ظهور الفهم الجديد والنزعة الجديدة إلى التفسير والإصلاح على النمط الأوروبي العتيق، وجاء الباحثون الأوروبيون بما يوافق الفلسفة العربية أحيانا، ويخالفها أحيانا أخرى، ولكن المخالفة لا تنفي مصدر التنبيه، ولا تدحض الباعث على التفكير الجديد.
فالقديس توما الأكويني، أكبر فلاسفة اللاهوت المسيحي في القرون الوسطى، ولد في سنة 1225، وتوفي في سنة 1274، وألف كتبه بعد أن شاعت بين الرهبان والقسوس دروس الفلاسفة الأندلسيين وفلاسفة المشرق من المسلمين، ولم يكن في كل ما كتب في الله والروح ووسائل الوصول إلى الحقيقة رأي واحد لم يتناوله ابن سينا والغزالي وابن رشد على الخصوص. وكل ما استجد من خلافاته فهو تلك الخلافات التي يقضي بها الفارق بين أصول المسيحية وأصول الإسلام.
وقد سمى المسلمون الغزالي حجة الإسلام، وسمى دانتي القديس توماس قبسا من نور السماء؛ لأنهما قاما بعمل واحد في مناقشة أرسطو وأفلاطون، وتغليب العقيدة الإلهية على مواضع الشك من الفلسفة المادية، ولكن المقابلة بين آراء الحكيمين خليقة أن تبدي لنا للوهلة الأولى أيهما صاحب السبق في الزمن والاستقلال. وعلى الرغم من ردود القديس توما؛ شاعت مذاهب العرب بين الرهبان، ولا سيما الفرنسيسكان، وتحدى عشاق هذه المواهب قرار الحرم الصريح، الذي أصدره مجمع باريس اللاهوتي سنة 1269، في حق كل من يردد كلام ابن رشد - على الخصوص - في النفس والإنسان الأول والقدم والحدوث.
واتصلت الدراسات الفلسفية والصوفية بين رجال الكنيسة، فكان من آثارها تلك الحملة القوية على نظام الرهبانية، وتعززت هذه الحملة في البيئات الدينية بحملة أخرى في البيئات الأدبية، قام بها أديب إيطالي يدين للثقافة العربية بمؤلفه الكبير الذي نسج فيه على منوال ألف ليلة وليلة، وهو «الديكامرون»، وعرض فيه الرهبنة للغمز والتشهير.
فلم ينته القرن الخامس عشر حتى كانت مسألة الرهبانية قد وصلت إلى المفترق الحاسم بين مذهبين؛ فأصدر مجمع «ترنت» (1545) قراره بتحريم الزواج على رجال الدين من جميع الرتب والدرجات، وتزوج «لوثر»، إمام المذهب الإنجيلي، براهبة كاثوليكية قبل ذلك على سبيل التحدي والاحتجاج. وكان لوثر من أكثر الناس اطلاعا على فلسفة القرون الوسطى؛ لأنه كان أستاذا للفلسفة في جامعة ويتمبرج، ولم يكن غريبا عن مناقشات علماء اللاهوت وعلماء الكلام.
অজানা পৃষ্ঠা