আরবদের ইউরোপীয় সভ্যতায় প্রভাব
أثر العرب في الحضارة الأوروبية
জনগুলি
فقصة برندان هذه من الأقاصيص التي يرتاب فيها الثقات، ولا يجدون لها أصلا مكتوبا قبل القرن الحادي عشر للمسيح، وهي التي يصح أن يقال: إنها مقتبسة من المصادر العربية؛ لأنها تحكي لنا حكاية الحوت الكبير الذي نزل عليه المسافرون وظنوه جزيرة راسية، فتحرك بهم وأوشك أن يغرقهم، وليس في القصة وصف للقارة الجديدة، بل وصفها كله خيال عن نعيم الأبرار الموعود في أرض الصالحين والقديسين.
وقد تواترت أقاصيص الجغرافيين العرب عند المغررين الذين طرحوا بأنفسهم في بحر الظلمات، فهلك منهم من هلك، وعاد منهم من عاد بأخبار تشبه الأساطير، ولا تبدو عليها مظنة الثقة والاعتماد. ومن ذلك إشارة المسعودي في مروج الذهب إلى أخبار «من غرر وخاطر بنفسه في ركوبه، ومن نجا منهم ومن تلف، وما شاهدوا منه وما رأوا».
ومنه وصف الإدريسي في «نزهة المشتاق» حيث يقول: «إنهم وصلوا - من لشبونة بعد اثني عشر يوما - إلى بحر غليظ الموج، كدر الروائح، كثير القروش، قليل الضوء، فأيقنوا بالتلف، ثم فردوا قلاعهم في اليد الأخرى، وجروا في البحر في ناحية الجنوب اثني عشر يوما، فخرجوا إلى جزيرة الغنم، وفيها من الغنم ما لا يأخذه عد ولا تحصيل، وهي سارحة لا راعي لها ولا ناظرة إليها، فقصدوا الجزيرة فنزلوا بها، فوجدوا عين ماء جارية وعليها شجرة تين بري، فأخذوا من تلك الغنم فذبحوها، فوجدوا لحومها مرة لا يقدر أحد على أكلها.»
إلى أن يقول : «فاعتقلوا فيها في بيت ثلاثة أيام، ثم دخل عليهم في اليوم الرابع رجل يتكلم باللسان العربي، فسألهم عن حالهم وفيما جاءوا وأين بلدهم، فأخبروه بكل خبرهم، فوعدهم خيرا وأعلمهم أنه ترجمان الملك ... فلما علم الملك ذلك ضحك وقال للترجمان: خبر القوم أن أبي أمر قوما من عبيده بركوب هذا البحر، وأنهم جروا في عرضه شهرا إلى أن انقطع عنهم الضوء وانصرفوا في غير حاجة ولا فائدة تجدي.»
وهذه وما جرى مجراها أقاصيص ملفقة تحيط بها الشكوك، ولا سيما قول الرواة: إن المغررين وجدوا في الجزيرة «رجالا شقرا زعرا، شعور رءوسهم سبطة، وهم طوال القدود، ولنسائهم جمال عجيب».
ولو وصل أولئك المغررون إلى القارة الجديدة لرأوا هناك ما رآه كولمبس، وعادوا بخبر أصح من هذه الأوصاف، وليس فيها جميعا ما يزيدنا على الظن بأن روادا من العرب حاولوا استطلاع بحر الظلمات؛ فلم يصلوا منه إلى نهاية، وهو ظن نستطيع أن نذهب إليه، بل نجزم به بغير حاجة إلى تلك الأقاصيص.
وأقوى من هذا التقدير دلالة على سبق العرب إلى ارتياد العالم الجديد، أن كولمبس عاد من أمريكا بذهب مخلوط بالنحاس على النحو الذي يخلط به أهل غانة الأفريقية، وبالنسبة التي يلاحظونها في هذا الخليط، وأن لغات الهنود الحمر تشتمل على كلمات أوروبية، وأقدم منها الكلمات العربية التي تتخللها مع بعض التصحيف والتحريف، ولكن قرينة الذهب أقوى وأقرب إلى الاحتمال، لأن تحقيق الزمن الذي تسربت فيه الكلمات المزعومة أمر عسير المراجع؛ إذ كانت الرحلات قد توالت بعد كشف أمريكا بين الشواطئ الأمريكية في أيام رواج النخاسة واختلاط النخاسين والعبيد بمن يتكلمون العربية في أفريقيا الغربية، وليس من السهل إثبات تواريخ الألفاظ في لغات كلغات الهنود الحمر لا تعتمد على الكتابة والتسجيل.
وأجدر بنا أن نقول كما قال البيروني: إن الأمر موكول إلى الخبر من جانب الثقة، فإن فضل العرب القائم على الحقائق في المعارف الجغرافية يغنيهم عن كل فضل قائم على الظنون.
وليس للجغرافية - بعد - من عماد تقوم عليه غير السياحة والاستقراء والأرصاد الفلكية، وفي كل أولئك فضل ثابت للعرب والمسلمين غير منسي ولا منكور.
فقد كانت السياحة فيما بين القرن العاشر والقرن السادس عشر فنا إسلاميا من فنون أهل المغرب على الخصوص، وهم قدوة الأوروبيين في هذه الشئون، ومن سياح المسلمين المشهورين أبو عبيد الله البكري، الذي ولد في مرسية، وألف كتابي «معجم ما استعجم»، و«المسالك والممالك»؛ وتوفي في أواخر القرن الحادي عشر للميلاد، ومنهم الشريف الإدريسي المتقدم ذكره، ومنهم محمد بن عبد الرحيم المازني الذي ولد في غرناطة وألف «نخبة الأذهان في عجائب البلدان»، وتوفي في القرن الثاني عشر، ومنهم ابن جبير الذي ولد في بلنسية قبل منتصف القرن الثاني عشر وكتب رحلته المتداولة بين قراء العربية، ومنهم ابن بطوطة صاحب «تحفة النظار في غرائب الأمصار»، أكبر الرحالين في القرن الرابع عشر على الإطلاق.
অজানা পৃষ্ঠা