3
وإذا هي تنفصل عن سواد الهامدين، وتتصل بالأفراد الخالدين؛ تهجر مغمورات الكفور، وتعمر مشهورات القبور؛ وبين ذلك جنازة للعصر حولها ضجة، وللأرض تحتها رجة، مواكبها ملء اليبس واللجة؛ أعلام منكوسة، وقنا صم، وكتائب خرس، وأنغام محزونة، ودموع مذروفة وملوك أو رسل ملوك، وبرق يروح ويغدو في السلوك، وينعى الزاجلية والألوك، فهل شيعت نابليون، أو ولنجتون, هل بلغت هوجو البانثيون؛ سوى الحظ بين هؤلاء، وبين ذلك النكرة في الأشلاء، وأجزل للقيط الموتى من العطاء، كما يجزل أحيانا للقطاء.
4
اسأل العصر: فيم نبش القبور، وقلب الهامدين البور، من أجل هذا الشلو المتبور؛ حتى التقطه بيد الحظ الوهوب، أو يد السيارة المباركة على ابن يعقوب؟ (يجبك): أليس كل من شهد النفير العام فهو ذائد الوطن وحاميه! وكل من وجد في الحفير الجامع فهو مشتريه بمهجته وفاديه، مجهول بذل المجهود، وجاد بالنفس وذلك أقصى الجود، في موطن سوى بين القائد والمقود، والسائد والمسود، توحدت النار وتشابه الوقود؛ وما حمل أعباء الجهاد مثل الميت، كالأساس دفن فكان قوام البيت.
كل حي يموت، وكل ذخيرة تفوت، وكل راحل عن قومه وإن وجدهم بالأمس شتى فألف، أو نكرات فعرف وخلف فيهم من فضل ما خلف، لا يسلم على الموت من حاسد يزور في الصحيفة، أو حاقد يتشفى بالجيفة؛ فيا لك مضغة تقرض الكفن الجديد، وتسبق الدود إلى الصديد، إلا هذا الجندي المجهول، فقد خلت جنازته من الهامس والهامز، والغامط والغامز؛ فقل لمن لم يعرفه الناس: طوبى لك، ما أنعم بالك، وما أنقى كفنك وسربالك.
5
قبر بين «حنية النصر» وبنية النسر، وفوق طريق العصر، لو كان لعيسى ضريح، لقلت قبر المسيح. كل جريح إليه يستريح، يقف به المحزون المتهالك، يقول هذا كله قبر مالك؛ وكأن كل أخت حوله الخنساء، وتحت ذلك الحجر صخر؛ وكل أم ذات النطاقين أسماء، وعبد الله في ذلك القبر؛
6
دروس عالية تلقى على الشباب، تعلمهم كيف جعل آباؤهم حماية الغاب، فوق تفاتن الأحزاب، وفتنة الأسماء والألقاب؛ حتى قرب تقديس الوطن الكريم، من عبادة العلي العظيم؛ وحتى تقربوا إلى الأوطان، بالذبح المنكر، كما ذكر اسم الله على القربان، واسم القربان لم يذكر.
والمجد أبعد أسفار الرجال، وله أزواد وله رحال؛
অজানা পৃষ্ঠা