ويخضعها لسنته وتجاربه المنظورة وغير المنظورة في ثنايا القرآن والتي تتنافر مع أهواء الناس، وتتفق تماما مع الوعي العقلي الموصول بوعي البصيرة والروح؛ أي: الوعي العقلي المنفصل عن الهوى.
أقول: إن القانون الرئيسي الذي تدور حوله مواضيع القرآن الفرعية هو: أن الإنسان عبد فقير مأمور محبوس في مملكة عدوه، والله معبود غني مانح للحرية من سجن الدنيا إلى حقيقة الحرية في جواره الأعلى، ولا تجد تشريعا في القرآن وفي أي باب من أبواب الفقه الإسلامي إلا وهو متصل بهذا القانون الرئيسي؛ بحيث تتضافر التشريعات كلها لتحقيق هذا الأصل وتحويله إلى عقيدة شاملة هي "لا إله إلا الله محمد رسول الله".
ولقد جاء القرآن الكريم بهذا الأصل الفطري مؤيدا بنصوصه فروعه الأربعة: فنحن نراه يؤكد عبودية الإنسان وغيره من الكائنات في نصوص أشملها قوله تعالى: {إن كل من في السماوات والأرض إلا آتي الرحمن عبدا} 1، ويؤكد فقر العباد بقوله: {والله الغني وأنتم الفقراء} 2، وأكد أن الإنسان خاضع للأمر وليس بآمر ولا حاكم بقوله: {ليس لك من الأمر شيء} 3، {وما تشاءون إلا أن يشاء الله} 4 إلى آخر ما ورد في القرآن من الأوامر الموجهة إلى الإنسان على وجه الإلزام، وأكد حبس الإنسان في مملكة عدوه بقوله تعالى: {من كان يريد حرث الآخرة نزد له في حرثه ومن كان يريد حرث الدنيا نؤته منها وما له في الآخرة من نصيب} 5، فبين أن الدنيا للذين لا نصيب لهم في الآخرة، وهم أعداؤنا، وأريد هذا المعنى الذي يكون شطرا كبيرا في العقيدة بقوله:
পৃষ্ঠা ২৫