প্রাসাদের রহস্য: রাজনৈতিক, ঐতিহাসিক, প্রেমমূলক, সাহিত্যিক
أسرار القصور: سياسية، تاريخية، غرامية، أدبية
জনগুলি
فانتبهت مهرى لهذا الكلام قائلة: هذا قضاء وقدر. فلم يجب السلطان إلا بالتأوه والحسرات.
فقالت له والدته حينئذ: دع عنك يا ولداه هذه الأفكار السوداء، واحترس على صحتك وحياتك فقد أصبحت خيالا.
فأجابها: خففي عنك فإن الفرح قريب إن شاء الله، وهو سيرزقني قوة كافية للنجاة. فلم تفهم والدته ما يعني بقوله هذا، فأجابت: نعم، إنه الرحمن الرحيم، وهو لا شك سينتقم لك من الخونة، ويعيدك إلى عرشك.
فهز السلطان رأسه استخفافا وقال: هل سمعت أو رأيت ملكا عاد إلى عرشه بعد ائتمار شعبه عليه؟
فقالت له مهرى: كلا ليس شعبك هو الذي خانك، بل تلك إحدى الدسائس الجارية في الأستانة، وقد أخبرني حسن بك أن الدسائس هذه لا تزال على قدم وساق، وأن الذي يظن نفسه ثابتا في عرشه ... لا يلبث عليه طويلا. فصاح بها السلطان اصمتي يا مهرى ودعي هذا الكلام ... فلا أريد بعد الآن سماع ألفاظ المؤامرات والأصحاب والأعداء، ولا أريد معرفة شيء، ولا رغبة لي إلا في الراحة والسكينة ... فقد سئمت الحياة ... آه يا رباه قد قضي علي ألا أذوق طعم الراحة والعزلة، فلا يمكنني البقاء دقيقة إلا محتاطا بالجواسيس والخدم الخونة والنساء الكثيرات الهوس. فقالت له والدته ومهرى وقد خافتا أن يتكدر منهما: أتريد أن نبتعد عنك قليلا التماسا لراحتك؟ - نعم، دعوني أرتاح قليلا على هذا الديوان.
فنهضتا للحال وتأهبتا للخروج، وقالت له مهرى: إذا احتجت أمرا مر باستدعائي في الحال، وأرجوك أن تطرد عنك كل هذه الأفكار السوداء. فقال لها باسما: كوني براحة بال فإسماعيل بك في الغرفة المجاورة لمراقبتي ... وأرسلي لي مرآة ومقصا فإني أريد تسوية لحيتي. فخرجت مهرى ووالدته وقلبهما في اضطراب شديد؛ لشدة ما أحسا من القلق عليه، ودخلتا غرفة مجاورة؛ لتكونا على مقربة منه، وأرسلت له مهرى مع جارية المرآة والمقص.
وكانت مهرى ترسل بعض الجواري من حين إلى آخر لافتقاده، وكانت تطمئن لما كن يخبرنها بأنه جالس على الديوان أمام المرآة مهتم بتسوية لحيته، وأن إسماعيل بك في طرف الغرفة يتصفح الجرائد. فقالت مهرى: إذن ليس هو وحده فالحمد لله، وقالت والدته: وأنا قد أخفيت عنه جميع الأسلحة خوفا عليه من الانتحار، فقالت مهرى: ولكن لماذا أمر بإبعادنا عنه ...؟ فإني قلقة عليه، فأجابتها والدته: ما الحيلة الله كريم ... ولم تتم هذه الكلمة حتى سمعت ضجة وخصاما بين اثنين، فذعرتا وصاحتا يا الله ماذا جرى؟ هرولتا إلى غرفة السلطان، فوجدتا منظرا هائلا ترتجف منه الأبدان فصعقتا لهوله. كان السلطان عبد العزيز ملقى على الديوان مخضبا بدمه المتدفق من أرساغه ومعاصمه مكفهر الوجه وقد انحنى رأسه على كتفه، وإسماعيل بك يحاول عبثا الضغط على الجراح لمنع الدم من الانفجار، فصرخت السلطانتان وأعولتا، فتراكض إليهما جميع من في السراي من رجال ونساء، وانطرحت والدته والسلطانة مهرى تبكيانه وتكلمانه، وكسرت بقية النساء نوافذ الغرف وملأن الفضاء صراخا وعويلا يستغثن ولا من مجيب، ويستصرخن ولا من معين، وكان هدير البوسفور الجواب الوحيد، وإذا بالطبيب العسكري جاء يصحبه بعض الخصيان، فتقدم من السلطان مرتجفا وقد طوقته الأنظار، وتعلقت الآمال على شفتيه، فانحنى وأخذ يتفحص الجراح، ثم نهض وطلب الآلة التي كانت سبب الموت فأعطته مهرى المقص، وصاحت لقد مات من يدي وأغمي عليها، فلم يتمكن الطبيب إلا من تحقيق الموت، فأحاط الحاضرون بإسماعيل بك يتهددونه بتمزيق جسمه وقد اتهموه بقتل السلطان، وأخذ هو يحاول تبرئة نفسه ويقص عليهم ما جرى، وأنه لم ينتبه إلى عمل السلطان ومحاولته فتح شرايينه إلا بعد أن قضي الأمر، فهرع إليه حينئذ يحاول نزع المقص منه، ولكن السلطان كان قد سقط ميتا، فلم يصدقوه وهجموا عليه يضربونه، ولكنه تمكن أخيرا من النجاة من بين مخالبهم فأركن إلى الفرار.
وستبقى هذه المسألة العويصة لغزا غامضا في التاريخ؛ إذ لم يتمكن أحد حتى الآن الجزم فيما إذا كان السلطان عبد العزيز مات مقتولا أو منتحرا.
ولما بلغ السلطان مراد خبر وفاة عمه وتفصيل موته، استولى عليه عارض عصبي فأخذ يبكي وينوح، وقد خاف أن يتهمه الناس بأن له في مقتل عمه يدا، وكانت تلك الساعة بداية اختلال شعوره. ثم جاءوا باثني عشر طبيبا من إفرنج وأتراك ومعهم أطباء السفراء للكشف عن سبب القتل، فأصدروا تقريرا نشرته جرائد ذلك العهد من مقتضاه أن الجراح يمكن أن تكون مسببة عن الانتحار، وجرى دفن السلطان عبد العزيز في الغد بلا احتفال خوفا من مظاهرة الشعب؛ إذ كان لخبر وفاته تأثير عظيم عند جميع الناس حتى عند أعدائه وخصومه.
ونشرت الجرائد بعد مضي خمسة عشر يوما من وفاة السلطان الخبر الآتي:
অজানা পৃষ্ঠা