30

قال بنبرة بدت دبلوماسية: «لا بد أنه كان تحولا كبيرا مقارنة بعملك في المكتبة.»

قالت: «العمل هو العمل، ما زلت أعمل. ربيبتي مطلقة، وهي بالكاد تدير البيت نيابة عني. تخرج ابني أخيرا في الجامعة. من المفترض أنه يتعرف على مجال عملنا حاليا، لكنه يستأذن للانصراف في منتصف النهار كل يوم. وعندما أرجع إلى البيت وقت العشاء، تكون قواي قد خارت حتى إنني أكاد أسقط من فرط التعب، ويتناهى إلى مسامعي رنين مكعبات الثلج في كأسيهما وضحكاتهما من وراء السياج. فور أن تقع أعينهما علي يقولان: «ماد، أيتها المسكينة! اجلسي واحتسي شرابا.» يدعواني «ماد» لأنه الاسم الذي كان ابني يناديني به رضيعا، لكنهما شبا عن الطوق الآن. أجد البيت باردا عندما أعود إليه؛ إنه بيت جميل إذا كنت تذكره، بني من ثلاثة طوابق على شكل كعكة زفاف. ثمة بلاط من الفسيفساء في ردهة المدخل. لكن ذهني دوما مشغول بالمصنع، ولا أنفك أفكر فيه؛ ماذا يمكن أن نفعل كي نصمد؟ هناك خمسة مصانع فقط في كندا متخصصة في صنع البيانو الآن، وثلاثة منها في مقاطعة كيبيك، وفيها خفضت تكلفة العمالة، لا شك أنك تعرف كل ذلك. عندما أتخيل حوارا يدور بيني وبين آرثر، فإنه يدور في فلك الموضوع نفسه. ما زلت قريبة منه جدا، لكن قربي منه لا يكاد يكون روحانيا. قد تعتقد أنه مع الكبر يمتلئ العقل بما يدعونه الجانب الروحاني للأمور، لكن عقلي لا ينفك يميل إلى الجانب العملي أكثر فأكثر في محاولة لحل أية مشكلة. ما من شيء يمكن أن يتحدث المرء عنه مع رجل فارق الحياة!»

توقفت، وشعرت بالحرج، لكنها لم تكن متأكدة من أنه أنصت لكل ذلك، وحقيقة الأمر أنها لم تكن متأكدة من أنها قالت كل ما قالت أساسا.

قال: «ما جعلني أمضي قدما، وجعلني أنطلق في المقام الأول بما تمكنت من إنجازه أيا كان، هو المكتبة؛ ولذا، فإنني مدين لك بالكثير.»

وضع يديه على ركبتيه، وترك رأسه تتداعى بين يديه.

قال: «آه، هذا هراء.»

أصدر أنينا تحول في نهاية المطاف إلى ضحكة.

قال: «أبي ... لعلك تذكرين أبي، أليس كذلك؟» «نعم، أذكره.» «حسن، أحيانا ما أحدث نفسي أن فكرته كانت صحيحة.»

وبعدها رفع رأسه وهزها، وقال: «الحب لا يموت أبدا.»

شعرت بنفاد صبرها لدرجة أنها أحست بالإهانة، فحدثت نفسها قائلة: هكذا إذن تحيل الخطب من يلقيها إلى شخص يستطيع قول أشياء كهذه. الحب يموت دوما، أو على أية حال يحيد عن مساره أو يفتر، وفناؤه أمر وارد.

অজানা পৃষ্ঠা