ففكر المسيو ج. هنيهة وهو مرتبك، ثم قال: أقول لك الحق، إني لا أرى بينهما تكافئا فأشفقت على الفتاة؛ لأن حال الفتى لا تساعده على الزواج. - بل ظلمتها؛ لأنها راضية بحاله وما أنت ولي أمرها، ثم إن حال الفتى أحسن مما تتصور. - إذا كان الفتى تحت رعايتكم فلا ريب في ذلك. - إذن غدا يجيء الفتى إلى هنا فلا تمنع الفتاة عنه، فإن شاءت أن تمضي معه فباركهما.
الفصل الرابع والعشرون
كشف المخبأ
في صباح اليوم التالي كان أحمد بك نظيم مختليا مع الأمير نعيم يفاوضه بما يأتي: لقد حان لي يا مولاي أن أطلعك على أسرار عظيمة جدا، كلها خير إن شاء الله، وإنما أرجو منك ألا تتسرع في الاعتراض علي أو في الغضب مني أو في ملامتي.
فتوسم الأمير كل الخير من هذه المقدمة المختصرة وقال: لك يا أحمد ما تريد، فإني أعرفك مخلصا وغيورا على بيت أبي. - فقبل كل شيء، قل لي يا سيدي، ألم تزل تحب جوزفين؟
فاكفهر وجه الأمير إذ استحى أن يقول نعم، بل قال: وماذا يعنيك من كل ذلك؟ - عفو مولاي! لكل كلمة أقولها الآن مساس بالموضوع الذي أخاطبك به. - كلا، لا أحبها، بل أريد الانتقام منها. - لا تخف أن تعترف بحقيقة ضميرك يا مولاي، وإذا ثبت لك أن جوزفين كانت مثال العفاف والأمانة لك كل مدة فراقكما، فماذا تقول؟
فاعتدل الأمير في مكانه، وقال: أعيدها إذا ثبتت براءتها. - إذن أتأذن أن تحضر إلى هنا؟ - أهي في مصر؟ - نعم، وقد لازمتك مدة مرضك ومرضتك بكل عناية، ولم يلاحظ أمرها سواي؛ لأنها كانت متنكرة جدا.
فضرب الأمير كفه على ركبته، وقال: عجيب! أذكر أني رأيتها فظننت أن الحمى خيلت لي ذلك. - بل رأيتها حقيقة وقلبك دلك عليها ونطقت اسمها أحيانا، وما أحد لاحظ ذلك سواي، ولا سيما لأن الطبيب كان يأمر أن لا يدخل عليك أحد سواها وبعض الخدم، وهي كانت تتجنب أن تجتمع بالأميرة نعمت لئلا تعرفها، فإذا شئت فاستدعها واستدع الأميرة نعمت هانم لكي تسمع أسراري؛ لأن لها مساسا بهما. - تكلم الآن، وثم متى حضرتا نخبرهما. - بل أرجو منك استدعاءهما الآن، فلا يفيد كلامي شيئا في غيابهما.
فنهض الأمير إلى التليفون، وفي الحال خاطب المستشفى والتمس أن تحضر الراهبة الممرضة إلى القصر بأسرع ما يمكن، وكذلك خاطب أخته في قصرها واستدعاها، وعند ذلك خرج أحمد بك على وعد أن يعود بعد نصف ساعة، لئلا يحرجه الأمير إلى الكلام في غيابهما.
وبعد بضع دقائق كانت الأميرة نعمت عند أخيها تسأله: ما الخبر؟ - عند أحمد بك أسرار مهمة على ما قال لي يريد أن يعلنها لنا. - أحمد بك؟ أي أسرار؟ - لا تتسرعي يا أختي، ولا تستهجني الأمر، سنرى، ثم إن جوزفين ستقدم بعد هنيهة، فأرجو منك أن تستقبليها بالبشاشة إلى أن نسمع أخبار أحمد بك.
অজানা পৃষ্ঠা