ذلك المنطوق فدلالة اللفظ الدال على المنطوق على معنى ذلك المضمر المقصود تسمى دلالة اقتضاء قال المحقق البنانى واعلم ان ابن الحاجب رحمه الله تعالى قسم المنطوق الى صريح وغير صريح والاول ما دل عليه اللفظ مطابقة اوتضمنا والثانى مادل عليه التزاما والمصنف خص اسم المنطوق بالصريح وسمى غير الصريح بمدلول الاقتضاء والاشارة اه. وقال شارح السعود ان غير الصريح ثلاثة اقسام دلالة اقتضاء ودلالة الايماء والتنبيه ودلالة الاشارة سميت دلالة اقتضاء لان المعنى يقتفيها لا اللفظ فالاول هو ان يدل لفظ بالالتزام على معنى غير مذكور مع انه مقصود بالاصالة ولايستقل المعنى أي لا يستقيم الابه لتوقف صدقه او صحته عقلا او شرعا عليه وان كان اللفظ لا يقتضيه وضعا فلذاقال فى نظمه معيدالضمير على المنطوق غير الصريح:
وَهْوَ دَلَالَةُ اِقْتَضَاءٍ أَنْ يَّدُلْ.....لَفْظٌ عَلى مَا دُوْنَهُ لَا يَسْتَقِلْ
دَلَالَةُ اللُّزُوْمِ. فدلالة اللزوم مفعول مطلق لقوله يدل فمثال ما توقف صدقة عليه قوله ﷺ ﴿رُفِعَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأُ وَالنِّسْيَانُ وما استكرهواعليه﴾ أي رفعت الْمُؤَاخَذَةُ بِهِمَا لِتَوَقُّفِ صِدْقِهِ عَلَى ذَلِكَ المقدر لِوُقُوعِهِمَا ومثال ما توقف صحته عليه عقلا قوله ﴿وَاسْأَلْ الْقَرْيَةَ التى كنا فيها﴾ أَيْ أَهْلَ القرية إذْ القرية وهى الابنية المجتمعة لا يصح سؤالها عقلا جريا على العادة ومثال ماتوقف صحته عليه شرعا قال الجلال المحلى: كَمَا فِي قَوْلِك لِمَالِكِ عَبْدٍ اعْتِقْ عَبْدَك عَنِّي فَفَعَلَ فَإِنَّهُ يَصِحُّ عَنْك أَيْ مِلْكُهُ لِي فَاعْتِقْهُ عَنِّي لِتَوَقُّفِ صِحَّةِ الْعِتْقِ شَرْعًا عَلَى الْمَالِكِ اه. وان لم يتوقف الصدق فى المنطوق ولا الصحة له على اضمار ودل اللفظ المفيد له على ما لم يقصد بالذات فدلالة اللفظ حينئذ على ذلك المعنى الذي لم يقصد بالذات تسمى دلالة اشارة فلذاقال ناظم السعود: مِثْلُ ذَاتِ....إِشَارَةٍ كَذَاكَ الْاِيْمَا آتِ
فَأَوَّلٌ إِشَارَةُ اللَّفْظِ لِمَا.....لَمْ يَكُنِ الْقَصْدُ لَهُ قَدْ عُلِمَا
فقوله اشارة الى اشارة قال الجلال المحلى: كدلالة قَوْله تَعَالَى ﴿أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إلَى نِسَائِكُمْ﴾ عَلَى صِحَّةِ صَوْمِ مَنْ أَصْبَحَ جُنُبًا لِلُزُومِهِ لِلْمَقْصُودِ بِهِ مِنْ جَوَازِ جِمَاعِهِنَّ فِي اللَّيْلِ الصَّادِقِ بِآخِرِ جُزْءٍ مِنْهُ اه. فلذا قال الناظم بعد ما مضى الكلام منه على المنطوق
والصِّدْقُ والصِّحَّةُ فِي الَّذِي مَضَى ... إنْ رَامَ إضْمَارًا دَلاَلَةُ اقْتِضَا
أوْ لاَ وَقَدْ أَفَادَ مَا لَمْ يُقْصَدِ ... فِهي إِشَارَةٌ.
واما الدلالة التى تسمى دلالة الايماء ودلالة التنبيه فتعريفها لدي ذوي الفن بان يقرن الوصف بحكم لو لم يكن الوصف علة لذلك الحكم عابه الفطن بمقاصد الكلام اذ لايليق بالفصاحة وكلام الشارع بعيد عن الاخلال بها فلذا قال فى السعود:
دَلَالَةُ الْإِيْمَاءِ وَالتَّنْبِيْهِ ... فِي الْفَنِّ تُقْصَدُ لَدَى ذَوَيْهِ
أَنْ يُقْرَنَ الْوَصْفُ بِحُكْمٍ إِن يَّكُنْ.....لِغَيْرِ عِلَّةٍ يَعِبْهُ مَنْ فَطِنْ
والايماء من مسالك العلة كما سياتى كقول الاعرابى واقعت اهلى فى نهار رمضان فقال ﵇ اعتق رقبة
(وَالْمَفْهُومُ مَا دَلَّ عَلَيْهِ اللَّفْظُ لَا فِي مَحَلِّ النُّطْقِ فَإِنْ وَافَقَ حُكْمُهُ الْمَنْطُوقَ فَمُوَافَقَةُ فَحْوَى الْخِطَابِ إنْ كَانَ أَوْلَى وَلَحْنِهِ إنْ كَانَ مُسَاوِيًا) المفهوم تعريفه عكس تعريف المنطوق فهو معنى دل عليه اللفظ لا فى محل النطق وعرفه ايضا فى السعود بقوله:
وَغَيْرُ مَنْطُوْقٍ هُوَ الْمَفْهُوْمُ....مِنْهُ الْمُوَافَقَةُ قُلْ مَعْلُوْمُ
ويطلق المفهوم على الحكم فقط وعلى محله وعلى مجموعهما قال المحقق البنانى والاول هو الكثير ويليه الثانى والاقل الثالث اه. فان وافق الحكم المشتمل المفهوم عليه الحكم المنطوق به فانه يسمى مفهوم موافقة ايضا كما قال العلامة
1 / 53