قال الرجل وقد ضاق ذرعا: أنا أعلم أنهم يأتون إلينا في أواخر الشتاء وأوائل الربيع، والذي يهمنا أنهم إذا جاءوا ينفقون بيننا أموالا طائلة، فنكسب منهم كثيرا؛ لأنهم يعطون حلوانا كبيرا.
فقال بخيت وقد رجا قرب الوصول إلى مبتغاه: إن الحلوانات ليست شيئا يذكر، وأما الذي يستحق الذكر فهو ما ينفقونه في الشراء من الأسواق.
فضحك عبود وقد مال ذات اليمين وذات اليسار ثم رفع يده كأنه يقسم وقال: ما لي ولما يشترونه ويبيعونه؟! فإني أعلم أني آخذ منهم حلوانات كثيرة، وإذا اشتروا كل المدينة فما الذي يأتي إلى جيبي؟!
فقال بخيت: لقد بالغت يا صاحبي في كلامك عن الحلوانات، فما هي؟ أخبرني هل يعطونكم دراهم أو ثيابا أو حليا؟
قال عبود: يعطوننا من ذلك كله.
قال بخيت: ولكن أظن أنهم يعطون كلا على قدر حاجته، فلا أظنهم يعطونك أقراطا ولا أساور، وإنما يعطونك قطعة ثياب أو بعضا من النقود، وأظنك تفضل النقود.
فضحك عبود قائلا: نعم نعم، هذا هو الصحيح.
فقال بخيت: ولكن إذا أعطوك قطعة حلي مثل دبوس رقبة مثلا، أفلا تفضله على الدراهم؟!
قال: وما أصنع بالدبابيس، فأنا لا ألبس ثوبا إفرنجيا ولا قميصا مكويا، وإنما لبسي هذه السراويل، وهذا المنتيان، ولو أعطيتني حلة إفرنجية ما لبستها، وكذا لو أعطيتني قطعة حلي فإني أفضل بيعها بأي شيء كان؛ لأن الذهب الرنان أفضل من كل شيء.
قال بخيت: أعذرني يا صاحبي؛ فإني لا أصدق ذلك.
অজানা পৃষ্ঠা