فقال: «وهل تظنين أننا فاتنا تدارك ذلك؟ لقد أعددنا للسيدة أرمانوسة هودجا تظلله المظلات من ريش النعام على أفخر زينة. تعالي انظريه.»
ثم نهض وخرج بها من الخيمة، فرأت الهودج يحمله الرجال، والجند آخذين في تقويض الخيام والتأهب للرحيل، فتحققت حبوط مسعاها، وضياع أملها، فاغرورقت عيناها بالدموع، ولكنها أمسكت نفسها خيفة أن يظهر ذلك عليها، وعادت إلى الخيمة مع يوقنا صامتة، فأتم هو حديثه قائلا: «إن وصيفتك قد شاهدت الهودج بنفسها معدا لحملك، فإذا أذنت مولاتي فلنتأهب للسفر أصيل هذا اليوم.»
فلما سمعت أرمانوسة ذلك رجفت وقالت: «لا أستطيع السفر في هذا اليوم.»
قال: «قلت لك أن كل شيء معد لسفرك المريح، وقد أمر مولانا قسطنطين أن أسرع بك إليه، ولا أستطيع مخالفته.»
فقالت: «لا أستطيع السفر وأنا مريضة، فأمهلني يوما أو يومين، وأجرك على الله.» قال: «لا أستطيع الانتظار ساعة واحدة، ولا فائدة من الأخذ والرد في هذا الشأن.»
فتحققت أرمانوسة أن الساعة قد أتت وآن وقت الانتحار، وحالما صممت عليه شعرت بأنها يجب أن تبذل كل ما في وسعها قبل الشروع فيه، فتجلدت وقالت: «لا أرى موجبا لهذا الإصرار، وأنا بين يديك مريضة كما ترى، أيحل لك أن تعجل علي؟»
فحملق يوقنا وقال: «قلت لك لا فائدة من الكلام، وها أنا ذا ذاهب تأهبا، وسأعود إليك بعد قليل لنحملك، والسلام.»
قال ذلك وخرج وتركهما في الخيمة منفردتين، فالتفتت أرمانوسة وقالت: «ما رأيك الآن يا بربارة؟ ألم يحن وقت الانتحار؟» قالت ذلك ومدت يدها إلى خنجرها، ولم تكن بربارة قد سرقته بعد، فارتمت عليها وأمسكت يدها قائلة : «لا أصدق يا مولاتي أن يدك اللطيفة تستطيع الإقدام على القتل. ألا تعلمين أنك بهذا ترتكبين جريمة؟»
فقالت: «إن موتي وهلاكي في أسفل الدركات خير لي من أن أستبدل رجلا آخر بأركاديوس حبيبي.» قالت ذلك وخنقتها العبرات ثم أغمي عليها، فأسرعت بربارة إلى الخنجر فأخفته، وخرجت لتنادي بعض الجواري ليساعدنها برش الماء، فأسرع يوقنا إلى الخيمة ليرى ماذا حدث، فجاءوها بالماء ورشوها، فأفاقت ورأت يوقنا أمامها وقد تأثر لما شاهده من جمالها وقد ذبلت عيناها وتكسرت أهدابها من كثرة البكاء، ولكنه ما زال يهددها، مصرا على الذهاب بها في ذلك اليوم.
ضاقت فلما استحكمت حلقاتها
অজানা পৃষ্ঠা