5 -
قال حدثنا الآجري قال أخبرنا الفريابي قال: أخبرنا إسحاق بن راهويه قال: أخبرنا النضر بن شميل قال: حدثنا كهمس بن الحسن قال: حدثنا عبد الله بن بريدة عن يحيى بن يعمر قال: " كان أول من قال في هذا القدر بالبصرة معبد الجهني، فانطلقت أنا وحميد بن عبد الرحمن حاجين أو معتمرين قال: فقلنا: لو لقينا أحدا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فسألناه عما يقول هؤلاء في القدر، فوافقنا عبد الله بن عمر داخل المسجد فاكتنفته أنا وصاحبي، أحدنا عن يمينه والآخر عن يساره فظننت أن صاحبي سيكل الكلام إلي، فقلت له: يا أبا عبد الرحمن إنه قد ظهر قبلنا أناس يقرءون القرآن، ويتقفرون
[ص: 85]
العلم، ويزعمون أن لا قدر، وأن الأمر أنف قال: فإذا لقيتموهم فأخبروهم أني منهم برئ وأنهم مني برآء، والذي يحلف به عبد الله بن عمر، لو كان لأحدهم ملء الأرض ذهبا فأنفقه في سبيل الله ما قبل الله عز وجل منه ذلك حتى يؤمن بالقدر ثم قال: حدثني عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: بينما نحن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ طلع علينا رجل شديد بياض الثياب شديد سواد الشعر لا يرى عليه أثر السفر، ولا يعرفه أحد منا حتى جلس إلى نبي الله صلى الله عليه وسلم فأسند ركبتيه إلى ركبتيه ووضع كفيه على فخذيه ثم قال: يا محمد
أخبرني عن الإسلام، وما الإسلام؟ قال: «أن تشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله،
وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصوم شهر رمضان، وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلا» قال: صدقت قال فعجبنا أنه يسأله ويصدقه , قال: فأخبرني عن الإيمان قال: «أن تؤمن بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، والقدر خيره وشره» قال:
[ص: 86]
صدقت قال: فعجبنا أنه يسأله ويصدقه قال: فأخبرني عن الإحسان قال: «أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك» قال: صدقت قال: فأخبرني عن الساعة قال: «ما المسئول عنها بأعلم من السائل» قال عمر رضي الله عنه: فلبثت ثلاثا، ثم قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يا عمر هل تدري من السائل؟» فقلت: الله ورسوله أعلم قال: «فإنه جبريل عليه السلام، أتاكم يعلمكم أمر دينكم» قال محمد بن الحسين: اعلم رحمنا الله وإياك أن النبي صلى الله عليه وسلم قد أعلمك في هذا الحديث أن جبريل عليه السلام إنما سأل
[ص: 87]
النبي صلى الله عليه وسلم بحضرة أصحابه إنما أراد أن يعلمهم أمر دينهم، فينبغي للمسلمين أن يعلموه، وأما قوله وسؤاله عن الإسلام فقد بينا لك في الحديث الذي قبله، وأما الإيمان فواجب على كل مسلم أن يؤمن بالله عز وجل، وبجميع ملائكته، وبجميع كتبه التي أنزلها الله على رسله، وبجميع أنبيائه، وبالموت، وبالبعث، من بعد الموت، وبالجنة والنار، وبما جاءت به الآثار في أحاديث أخر، مثل أن يؤمن بالصراط، والميزان، وبالحوض، والشفاعة، وبعذاب القبر، وبقوم يخرجون من النار فيدخلون الجنة، وبالساعة، وأشباه لهذا مما يؤمن به أهل الحق من أهل العلم، ويجحد بها أهل الأهواء والبدع والضلالة ممن حذرناهم النبي صلى الله عليه وسلم، وحذرناهم الصحابة، والتابعون لهم بإحسان، وعلماء المسلمين، ويؤمن بالقدر خيره وشره، ويبرأ ممن لم يؤمن بالقدر خيره وشره كما تبرأ ابن عمر منه. وقوله: «وأخبرني عن الإحسان» قال: «أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك» فاعلم أنه من عبد الله عز وجل فيعلم أن الله عز وجل
[ص: 88]
مطلع على عمله، يعلم سره وعلانيته، ويعلم ما تخفي من عملك وما تبديه، وما تريد بعلمك ألله تريد أم غيره؟، {يعلم السر وأخفى} [طه: 7] ، {يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور} [غافر: 19] ، {يعلم ما أنتم عليه} [النور: 64] فاحذروه، فمن راعى هذه بقلبه وبعلمه خشي من الله عز وجل وخافه وعبده كما أمره، فإن كنت عن هذه المراعاة في غفلة فإنه يراك، ثم إليه مرجعك فينبئك بما كنت تعمله، فاحذر الغفلة في عبادتك إياه، واعبده كما أمرك لا كما تريد، واستعن به، واعتصم به، فإنه لا يقطع من لجأ إليه وقد ضمن لمن اعتصم به أن يهديه إلى صراط مستقيم
অজানা পৃষ্ঠা