الاربعون حديثا :275
اذا عاش الانسان مع الحق سبحانه وتعالى في جميع الاحوال وكافة المستجدات ، وشاهد نفسه امام الذات المقدس عز شأنه ، لأحجم عن الامور التي تسخط الله ، وردع نفسه عن الطغيان . ان المشاكل والمصائب المنبثقة من النفس الامارة والشيطان الرجيم قد نشأت عن الغفلة عن ذكر الحق وعذابه وعقابه . ان الغفلة عن الحق تضاعف كدورة القلب ، وتمكن النفس والشيطان من التحكم في الانسان وتسبب زيادة المفاسد على مر الايام .
وان التذكر للحق جل شأنه يبعث على صفاء النفس وصقلها ، ويجعلها مظهرا للمحبوب ويصفي الروح وينقيه ، ويحرر الانسان من اغلال الأسر ، ويخرج حب الدنيا الذي هو رأس الخطايا ومصدر السيئات من القلب ، ويجعل الهموم هما واحدا ، والقلب نظيفا وطاهرا لورود صاحبه الحق جل وعلا .
فيا ايها العزيز مهما تتحمل من الصعاب في سبيل الذكر والتذكر للحبيب الحق سبحانه كان ذلك قليلا . روض قلبك على التذكر للمحبوب ، لعل الله يجعل صورة القلب ، صورة لذكر الحق ، وكلمة لا اله الا الله الطيبة ، الصورة النهائية والكمال الاقصى للنفس ، فانه لا زاد افضل منه للسلوك الى الله ، ولا مصلح احسن منه لعيوب النفس ، ولا رفيق اجدى منه في المعارف الالهية .
فاذا كنت طالبا للكمالات الصورية والمعنوية ، وسالكا لطريق الآخرة ومهاجرا ومسافرا الى الله ، اجعل قلبك معتادا على تذكر المحبوب ، واعجن قلبك مع ذكر الحق تبارك وتعالى .
فصل: في بيان ان الذكر التام هو الذكر البالغ الى كل اطراف
المملكة جسم الانسان
ان ذكر الحق والتذكر لذاته المقدس من صفات القلب ، وان القلب اذا تذكر ترتبت عليه القلب جميع الفوائد المذكورة للذكر ، ولكن الافضل ان يعقب الذكر القلبي ، الذكر اللساني . وان افضل وأكمل مراتب الذكر كافة هو الذكر الساري في نشآت مراتب الانسانية ، والجاري على ظاهر الانسان وباطنه ، سره وعلنه .
فيكون الحق سبحانه مشهودا في سر الوجود ، وتكون الصورة الباطنية للقلب والروح ، صورة تذكر المحبوب . ويطغى على الاعمال القلبية والقالبية الظاهرية التذكر لله سبحانه . وتنفتح الاقاليم السبع الظاهرية ، والممالك الباطنية ، على ذكر الحق ، وتتسخر لتذكر الجميل المطلق . بل لو ان حقيقة الذكر تحولت الى صورة باطنية للقلب ، وانفتحت مملكة القلب على يديه الذكر لجرى حكمه في كل الممالك والاقاليم القوى الجسمية الظاهرية والباطنية الاربعون حديثا :276
পৃষ্ঠা ২৭৫