3- فقد كثر من أئمة الحديث الأعلام، في القديم والحديث من الأعوام، تخريج أربعين حديثا عن خير الأنام، عليه أفضل الصلاة والسلام، فمنهم من اعتبر ما يتعلق بمتونها من المعاني، إما في الفروع والأحكام، أو في الأصول والمباني، ومنهم من قصد الإسناد، وما يشتمل عليه من الأمور المعتبرة عند النقاد، فتباينت أغراضهم ومقاصدهم، وإن اتفقت مصادرهم ومواردهم، إذا لكل ناشئ عن الحديث الوارد في حفظ الأربعين، وما يترتب عليه من الثواب، وهو حديث ضعيف بجميع طرقه، كما بينته في غير هذا الكتاب، لكن ثم مأخذ آخر يرشد إلى ذلك، ويكون سببا لسلوك هذه المسالك، وهو ما في عدد الأربعين من الخصوصيات المعنوية، وكثرة اعتباره في الأحكام الشرعية، كما قد بسطت ذلك في مقدمة ((الأربعين الكبرى))، وبينت هنالك أن هذا المأخذ هو الأولى بالتقديم والأحرى، فإذا انضم هذا المعنى إلى العمل بالحديث الضعيف في الترغيب كان ذلك باعثا للقصد إلى التأسي بالأئمة المتقدمين، وكل منهم مصيب.
4- وممن خرج الأربعين على وجه يتعلق بالسند، وأتى فيه بما لم يسبقه إليه أحد: الإمام الحافظ أبو طاهر أحمد بن محمد بن أحمد السلفي رحمة الله عليه، فإنه خرج أربعين حديثا عن أربعين شيخا، سمع من كل واحد منهم ببلد مفرد، أبان بها عن رحلة واسعة، وتجواب آفاق شاسعة.
5- ثم نسج على منواله عصريه الحافظ الكبير، الأوحد الشهير، أبو القاسم علي بن الحسن الدمشقي المعروف بابن عساكر، تغمده الله برحمته، وزاد عليه بأن أفرد لكل حديث صحابيا غير ما في الأحاديث الأخر، وذلك من سعة مروياته التي بها عرف واشتهر.
পৃষ্ঠা ২৯৭