আরাম দিমাশ্ক ও ইসরাইল
آرام دمشق وإسرائيل: في التاريخ والتاريخ التوراتي
জনগুলি
جاء شاول، الملك الأول، من قبيلة بنيامين التي تنتمي أصلا إلى القبائل الشمالية، وتسكن في أقصى جنوب مناطقها عند الرقعة الفاصلة بين الهضاب المركزية ومرتفعات يهوذا التي تليها. وبما أن المنظور الأيديولوجي لأسفار التوراة يعكس المواقف الفكرية لكهنة يهوذا المشرفين على عملية التحرير في الفترات المتأخرة، فقد كان لا بد من إظهار شاول في صورة الملك السيئ، وإظهار داود - الذي جاء من بيت لحم في منطقة يهوذا - بصورة الملك الجيد. وليس علو داود على شاول، وقيام الرب بانتزاع المملكة منه وإعطائها إلى داود؛ إلا تسويغا أيديولوجيا لاستئثار يهوذا بالملك إبان فترة المملكة الموحدة، من دون قبائل إسرائيل العشر الشمالية. ولسوف نرى منذ الآن في الأسفار التوراتية ذلك التمييز، الذي صار واضحا الآن بين إسرائيل ويهوذا.
رغم أن أسلوب المحررين هنا يشبه إلى حد بعيد أسلوب سفر القضاة، إلا أن سفر صموئيل يتميز بوحدة وتكامل الأحداث، وذلك بسبب تمركز أحداثه حول شخصيتين رئيسيتين، هما شاول وداود. فكل القصص الصغيرة المثيرة حول تتبع شاول لداود، وهرب الأخير في كل مرة، قد صيغت في قالب منسجم رغم انتمائها الواضح لأصول مختلفة. كما أن المحرر قد أفلح في رسم صورة قوية ومؤثرة لشخصية شاول تجعل القارئ في تعاطف كامل معها، رغم النوازع الأخرى للمحرر في إظهار الجوانب السلبية لها، والتي لم تكن مقنعة على الإطلاق. الأمر الذي يدل في اعتقادي على أن هذا المحرر قد استخدم قصة أصلية متكاملة عن قائد ظهر في منطقة الهضاب المركزية في زمن لا نعرفه، وقام بحماية جماعته من بغي وتعدي جماعة أخرى. ذلك أن أحداث سفر صموئيل الأول تظهر في مستوياتها التحتية - التي تعود إلى أزمنة قديمة - ملامح ملحمة شعبية على غاية من الأصالة والنبل والجمال.
تنتمي القصص التي أدمجت في السياق الرئيسي لحياة شاول إلى المخزون الفولكلوري نفسه الذي استمدت منه قصص القضاة، وهي مليئة بالعناصر المعروفة لنا في الأدب الشعبي. ونخص بالذكر هنا عنصر الراعي الأعزل الذي يتغلب على الفارس المدجج بالسلاح في مواجهة فردية، فهو عنصر شائع ومتكرر فيما لا يحصى من القصص الشعبي والبطولي لدى مختلف الشعوب. وقد أضيف إليه هنا عنصر المرور باختبار عسير من أجل النيل بيد بنت الملك، وهو من العناصر القصصية الشائعة والمكررة بصور وأشكال لا حصر لها. ولقد كان المنظور الأيديولوجي المفروض على هذه القصص من المرونة بحيث سمح لأجواء القصص الأصلية ولبيئتها بالإعلان عن نفسها. فداود - مسيح الرب، والشخصية المركزية في التاريخ الزمني لإسرائيل التوراتية - كان يحتفظ في بيته بالترافيم، وهي أصنام آلهة رب البيت، منها ما هو صغير ومنها ما هو كبير على هيئة الآدميين.
1
ففي إحدى الليالي جاء رسل شاول وطرقوا باب منزل داود بعد أن عرفوا بوجوده ليقتادوه إلى شاول، فأنزلته ميكال من الكوة الخلفية للبيت، ووضعت في سريره الترافيم وغطته بثوب، وقالت للرسل إنه مريض (صموئيل الأول، 19: 11-17). ورغم محاولة المحرر إظهار داود في صورة الملك الجيد في مقابل الملك السيئ شاول، إلا أنه ترك عناصر من القصة الأصلية التي استخدمها على حالها رغم إساءتها إلى صورة البطل مسيح الرب. فهو لا يتورع عن اللجوء إلى أعداء شعبه ويعمل مع عصابته كمرتزقة لدى ملك جت، كما أنه لا يجد غضاضة في التطوع لقتال شاول في معركة جبل جلبوع، والتي أدت إلى سقوط شاول وأولاده.
ويستمر في سفر صموئيل الأول أسلوب المحرر التوراتي الذي عهدناه في إيراد الروايات المتناقضة للحادثة الواحدة. فحادثة التحاق داود بأخيش ملك جت تأتي في روايتين، في الرواية الأولى يرفض ملك جت لجوء داود ويقصد به شرا: «وقام داود وهرب في ذلك اليوم من أمام شاول، وجاء إلى أخيش ملك جت. وقال عبيد أخيش له: أليس هذا داود ملك الأرض! أليس لهذا كن يغنين في الرقص قائلات: ضرب شاول ألوفه وضرب داود ربواته! فوضع داود في قلبه هذا الكلام وخاف جدا من أخيش، فغير عقله في أعينهم وتظاهر بالجنون بين أيديهم، وأخذ يخربش على مصاريع الباب. فقال أخيش لعبيده: هو ذا ترون الرجل مجنونا، فلماذا تأتون به إلي! ... فذهب داود ونجا من هناك إلى مغارة عدلام» (صموئيل الأول، 21: 10-15). وفي الرواية الثانية يستقبل أخيش داود استقبالا حسنا، ويقطعه بلدة صقلع: «وقال داود في قلبه: إني سأهلك يوما بيد شاول، فلا شيء خير لي من أن أفلت إلى أرض الفلسطينيين. فقام داود وعبر هو والستمائة الرجل الذين معه إلى أخيش ملك جت، وأقام عنده في جت ... فقال داود لأخيش: إن كنت قد وجدت نعمة في عينيك فليعطوني مكانا في إحدى قرى الحقل فأسكن هناك ... إلخ» (صموئيل الأول، 27: 1-6).
ولدينا ثلاث روايات عن مسح شاول ملكا، في الرواية الأولى يأتي شاول إلى بلد صموئيل باحثا عن حمير أبيه الضالة، وهناك يراه صموئيل ويأتيه كلام الرب بأن هذا الفتى هو الذي يملك على الشعب، فيمسحه صموئيل ملكا (صموئيل الأول، 9). وفي الرواية الثانية يطلب الرب من صموئيل أن يدعو كل إسرائيل حسب أسباطهم فيستعرضهم أمامه فيختار منهم ملكا، فتصعد الأسباط إلى صموئيل وتجتاز أمامه، فيختار منها الرب سبط بنيامين، ثم يستعرض سبط بنيامين عشائره فيختار الرب عشيرة مطري، ثم تستعرض عشيرة مطري أسرها فيختار الرب أسرة قيس، ومن أسرة قيس يختار الرب شاول، فيمسحه صموئيل ملكا (صموئيل الأول، 10). وفي الرواية الثالثة يصعد ناحاش العموني على جلعاد ويستعبد أهلها، فيرسل هؤلاء رسلا يستنجدون بقبائل إسرائيل، ويأتي الرسل إلى جبعة حيث شاول. فخرج شاول وراء البقر من الحقل على بكاء الرسل واستنجادهم بقبائل إسرائيل، فحل عليه روح الرب وغضب غضبا شديدا. أخذ بقرة وقطعها إلى اثنتي عشرة قطعة وأرسلها بيد الرسل إلى كل تخوم إسرائيل قائلا: من لا يخرج وراء شاول ووراء صموئيل هكذا يفعل ببقره. فخرج الشعب وراء شاول كرجل واحد وهزموا العمونيين، ثم عادوا وملكوا شاول عليهم (صموئيل الأول، 11).
ولدينا روايتان عن لقاء شاول بداود، في الأولى ينصح أتباع شاول بإحضار داود ليعزف على العود فيسري عن فؤاد شاول، فيأتي إليه ويحبه شاول ويجعله حامل سلاحه (صموئيل الأول، 16). وفي الإصحاح التالي مباشرة نجد شاول لم يجتمع بعد بداود، فعندما ينبري داود للقاء الفلسطيني يسأل شاول عن الفتى وعن عائلته: «ولما رأى شاول داود خارجا للقاء الفلسطيني قال لأبينير رئيس جيشه: ابن من هذا الغلام يا أبينير؟ فقال أبينير: وحياتك أيها الملك لست أعلم. فقال الملك: اسأل ابن من هذا الغلام. ولما رجع داود من قتل الفلسطيني أخذه أبينير وأحضره أمام شاول ورأس الفلسطيني في يده، فقال له شاول: ابن من أنت يا غلام؟ فقال داود: ابن عبدك يسى البيتلحمي» (صموئيل الأول، 17). وفي هذه الرواية لا يظهر تعلق شاول بداود منذ البداية كما رأينا في الرواية السابقة، بل إن ابنه يوناثان هو الذي يحب داود ويتعلق به، فيضمه شاول إلى جماعته ولا يتركه يرحل إلى بيت أبيه.
وهناك روايتان عن طريقة موت شاول. ففي الأولى رأيناه يطلب من حامل سلاحه أن يقتله فيرفض فيسقط شاول على سيفه ويموت (صموئيل الأول، 31: 4-5). أما في الرواية الثانية، فإن شابا عماليقيا يأتي إلى داود معفرا بالتراب، ممزق الثياب، ويخبره بأن شاول وأولاده قد قضوا في معركة جلبوع، فيسأله كيف عرف بموت شاول فقال: «إني كنت في جبل جلبوع وإذا شاول يتوكأ على رمحه، وإذا بالمركبات والفرسان يشدون وراءه. فالتفت إلى ورائه فرآني ودعاني فقلت: ها أنا ذا، فقال لي: من أنت؟ فقلت: عماليقي أنا، فقال لي: قف علي واقتلني لأنه قد اعتراني الدوار. فوقفت عليه وقتلته؛ لأني علمت أنه لا يعيش بعد سقوطه» (صموئيل الثاني، 1: 1-10).
وعن مدة حكم شاول نقرأ في الإصحاح 13: 1 أن شاول قد حكم مدة سنتين، وهذا لا يتناسب مع مجريات الأحداث اللاحقة. فشاول قد مسح ملكا وهو شاب يافع، ثم سقط في معركة جلبوع وهو كهل وله أولاد محاربون أشداء قتلوا معه في المعركة. وبعد موت شاول تقوم القبائل الإسرائيلية في الشمال بتنصيب ابنه إيشبوشت ملكا عليها وعمره أربعون سنة (صموئيل الثاني، 2: 8-9). وهذا يدل على أن فترة حكم شاول قد تجاوزت الأربعين سنة.
অজানা পৃষ্ঠা