আরাম দিমাশ্ক ও ইসরাইল
آرام دمشق وإسرائيل: في التاريخ والتاريخ التوراتي
জনগুলি
الصادر عام 1992 ما يلي: «إن الأبحاث الجديدة التي توفرت لدينا خلال ربع قرن مضى قد فرشت أرضية صلبة تمكننا الآن من صياغة تاريخ لإسرائيل مستقل عن البحث التوراتي. وليست الكتب والدراسات المنشورة حديثا إلا برهانا واضحا على أن كتابة مثل هذا التاريخ، بشكل موضوعي وطريقة وصفية، قد صارت ممكنة. فجميع هذه المؤلفات تقريبا تضع بين أقواس معترضة الأخبار التاريخية المقتبسة من التوراة (دلالة عن الشك المبدئي بمضمونها). إن مقدرتنا المتزايدة على بناء تاريخ مفصل لأصول إسرائيل تجعل من الضروري، أكثر فأكثر، ترك الاعتماد على الروايات التوراتية كمصدر لكتابة التاريخ، وعلينا أن نتخلى بشكل جذري وواع عن كل المسلمات التي فرضت علينا من قبل النص التوراتي».
2
أما عن مصادر كتابة هذا التاريخ المستقل فكثيرة ومتنوعة، فإضافة إلى التفسير المتحرر من المواقف التوراتية المسبقة لنتائج البحث الأثري في المنطقة، ودراسة النقوش الكتابية للثقافات المجاورة، من آرامية وآشورية وبابلية وغيرها، فإن المنهج التاريخي الجديد يلجأ إلى معونة عدد من العلوم المساعدة في حقول الاجتماع، والأنثروبولوجيا، والبيئة الطبيعية للعصور القديمة بنباتاتها ومناخها، ودورات الخصب والجفاف المتعاقبة عليها، والتغير في نمط الاستيطان السكاني، وما إلى ذلك مما سنتعرض له في حينه.
لقد كانت التقاليد التوراتية، حتى وقت قريب، تلقي ضوءا على الماضي، ولكنها قد صارت الآن بحاجة إلى إلقاء الضوء عليها من قبل ذلك الماضي، الذي بدأ يتضح بشكل مستقل عن المواقف المسبقة والمسلمات المفروضة. وبتعبير آخر، فإن كتاب التوراة لم يعد نقطة الانطلاق، بل خط النهاية في دراستنا التاريخية. فعندما نفلح في كتابة تاريخ لفلسطين مستقل عن الصورة الخيالية التي تقدمها الأسفار التوراتية؛ يمكن عند ذلك أن نطرح أسئلة تتعلق بكيفية نشوء الأسفار التوراتية، ثم نجيب عليها، أما الاستمرار في اعتبار التوراة نوعا من الكتابة التاريخية، فلن يؤدي إلى مزيد من التعمية على التاريخ فقط، بل سيبقى عقبة قائمة أمام فهم الكتاب ومضامينه ورسالته.
تنتمي الأسفار التوراتية، من حيث شكلها ومضمونها ودوافع كتابتها، إلى جنس كتابي يمكن وصفه بجنس الجمع التراثي. فالهاجس الذي يدفع محرري ومعيدي صياغة تلك التقاليد الأدبية المتفرقة التي صيغت منها الأسفار؛ ليس هاجسا تاريخيا بل هاجسا تراثيا، فهم يعملون على جمع وتصنيف وإعادة صياغة تركة ثقافية شعبية متعددة النشأة والأصول وخطوط التداول، ويرتبونها في تسلسل زمني ينسجها إلى بعض، وذلك من خلال منظور أيديولوجي مفروض عليها من الخارج، يعكس الوضع الفكري للقائمين على التحرير وإعادة الصياغة في الفترات المتأخرة. إن ما يحرك محرر التوراة، باعتباره قاصا وجامع تراث شعبي موغل في القدم، هو العقدة القصصية التي تقود إلى الإفضاء بمضمون ديني يظهر كيفية تداخل الإلهي بالدنيوي، وتوجيهه له، ومن دون التفات إلى الحدث المحقق والخبر المدقق. أما الترتيب الزمني (الكرونولوجي) لأحداث القصة الواحدة، وللقصص المتتابعة الملصق بعضها ببعض، فلا يعني أن هم النص هو هم تاريخي، فمثل هذا الترتيب الزمني للأحداث هو شأن أسلوبي بالدرجة الأولى، وهو مستلزم ضروري في الكتابة الأدبية والكتابة التاريخية على حد سواء. فالقاص والمؤرخ يقدمان لنا جملة من الأحداث التي تتحرك في زمن ماض، وبشكل يتسلسل من الأقدم إلى الأحدث في حلقات يمسك بعضها ببعض بشكل منطقي. إلا أن ما يميز التاريخ كجنس كتابي عن الأدب، هو النية المسبقة للكاتب، وموقفه من مادة عمله. فالمؤرخ ينظر إلى الماضي باعتباره شأنا واقعيا وحقيقيا، ويسعى جادا من أجل التفريق بين الخيالي والواقعي، مركزا على ما يمكن لنا معرفته، والتحقق من وقوعه، خلال الفترة التي يسلط عليها الضوء. أما الأديب، فيتحرك في ماض من صنعه، ويقدم أحداثا ممكنة التحقق من منظور منطقي ظاهري. وبين المؤرخ والأديب يأتي موقع جامع التراث الذي يبحث عن التسويغ التاريخي الشكلي في المادة التي يقدمها، من دون اختبار وتدقيق للروايات التي يعمل على جمعها وتصنيفها، وهنا قد يتم استبعاد ما حصل فعلا لصالح رغبة الكاتب في تصديق سلسلة ما من الأحداث، مدفوعا بموقفه الأيديولوجي المسبق، ويغيب الحقيقي والواقعي في ضباب الخيالي.
لقد أعلن بعض الباحثين منذ العقد الأخير للقرن التاسع عشر، من أمثال
E. Meyer
و
H. Gunkel ، بأن المصدر الأساسي للتقاليد التوراتية هو الحكايا الشعبية والملاحم وقصص البطولة التي كانت متداولة شفاهة عند تحرير أسفار التوراة، إبان وبعد السبي البالي. وجادل
Meyer
অজানা পৃষ্ঠা