104

Arab Thought in the Renaissance Era

الفكر العربي في عصر النهضة

প্রকাশক

دار النهار للنشر بيروت

জনগুলি

هي أيضًا لأن تخدم شيئًا أوسع منها، أي العلوم الحديثة التي كانت آخذة في خلق عهد جديد وفي تغيير حياة شعوب الشرق. عاش الطهطاوي وعمل في فترة انتقالية سعيدة من التاريخ، خف فيها التوتر بين المسيحية والإسلام، ولم يكن قد حل التوتر السياسي الجديد بين الشرق والغرب. كان يقيم في فرنسا إبان احتلال الجزائر، فكتب عن هذا الحدث في كتابه عن باريس. غير أنه لم يعتقد أن هناك معنى للقول بأن أوروبا خطر سياسي. ذلك أن فرنسا وأوروبا لم تسعيا، في نظره، وراء القوة السياسية والتوسع، بل وراء العلم والتقدم المادي. كان عهده عهد اختراعات عظيمة، فكتب عنها بإعجاب: قناة السويس، ومشروع قناة الباناما، والخط الحديدي القاري في أميركا. ويبدو أن تطور المواصلات أدهشه حقًا، فخص القطار البخاري بقصيدة مدح عامرة (٣٤). كان يعتقد أن هذه المبتكرات إنما تسجل بدء تطور سيستمر ويؤدي، في آخر الأمر، إلى التقاء الشعوب بعضها ببعض وإلى العيش معًا بسلام. لذلك توجب على مصر أن تتبنى العلوم الحديثة والمبتكرات المنبثقة عنها، دون أن تخشى من ذلك خطرًا على دينها. إذ كانت العلوم المنتشرة في أوروبا حديثًا علومًا إسلامية في الماضي، أخذتها أوروبا عن العرب. فإذا ما استعادتها مصر اليوم، فإنما تسترد ما هو لها. وأفضل سبيل إلى ذلك هو تسهيل التعاطي مع الأجانب وحسن معاملتهم. فيجب أن يشجعوا على الاستيطان في مصر وعلى تعليم المصريين ما باستطاعتهم تعليمهم إياه. ويلجأ الطهطاوي، مرة أخرى، إلى التشبه بمصر القديمة فيقول: ألم يشجع بسامتيك الأول الإغريق على الإقامة في مصر ويعاملهم كما لو كانوا مصريين (٣٥)؟ . ثم يخلص من ذلك إلى أنه يرى في محمد علي وخلفائه الورثة الشرعيين للفراعنة في محاولتهم إحياء أمجاد مصر وإتباع المبادئ نفسها، وذلك بمنحهم المساواة للجميع، الرعايا منهم والأجانب.

1 / 106