দর্শনের দৃষ্টিতে সমসাময়িক সংকট
آراء فلسفية في أزمة العصر
জনগুলি
لأن نتحدث عما ليس بالتحرر أيسر لنا من أن نتحدث عما هو التحرر. ليس التحرر والاعتقاد في مبدأ «دع الأمور تجري في أعنتها»، أو مبدأ المشروعات الحرة في الاقتصاد بمعنى واحد، وليس التحرر هو التوفيق في كل أمر من الأمور، وليس هو تلك الفكرة المطمئنة التي تقول بأنه من الممكن دائما إيجاد الحل الوسط.
ويترتب على ذلك أن التحرر وإن يكن بطبيعته مسالما، إلا أنه لا يسلك مسلك السلام، فهو لا يجعل من «التعقل العذب» وثنا يعبد في حالة الاعتداء، وهو يدرك أن التهدئة قد تكون أشد إثارة للصراع المسلح من استعراض القوة استعراضا حكيما مشروعا دليلا على القدرة على المقاومة. وتاريخ علاقات الحلفاء مع هتلر دليل قاطع مع ذلك.
ولا يمكن أخيرا أن نفهم التحرر على أنه الاعتقاد التقليدي في بعض الحقوق المعينة المطلقة التي لا يمكن التخلي عنها؛ لأن كل حق من هذه الحقوق إنما يقوم في الواقع في حدود نتائجه بالنسبة إلى المجتمع، وهو لذلك يخضع للتعديل. إن حقا من الحقوق قد يحد من حق آخر، والحكم النهائي في هذا الصراع القائم بين الحقوق يصدر في الضوء الذي ينعكس من الموقف كله، أو من تلك المجموعة من الحريات التي نؤثرها عقلا، والتي قد يستتبع وجودها الانتقاص المؤقت من إحدى الحريات. وإذا قلنا إنا لا نستطيع أن نحتفظ بحرياتنا بالتضحية بها فلن يكون ذلك إلا من قبيل الفصاحة الجوفاء؛ لأن إحدى الحريات المعينة لا بد أن يضحى بها أحيانا للاحتفاظ بالحريات الأخرى.
إن أشمل وأوفى تعريف في تعبير إيجابي لمعنى التحرر، من عهد سقراط حتى جون ديوي، توحي به تلك الكلمات المأثورة لهولمز التي يقول فيها إن التحرر هو الاعتقاد «في حرية الاتجار بالأفكار؛ فمعيار الصدق في الرأي هو قدرته على الرواج في منافسة السوق». وليس هذا برنامجا للعمل، وليس نظرية فلسفية عن الحق، وإنما هو نظرة - أو مزاج عقلي - إزاء كل برنامج . وقد يختلف دعاة الحرية فيما بينهم على كل شيء غير هذا، ولكنهم جميعا يؤمنون بذلك؛ فهو عقيدة تميز الثقافة المتحررة من الثقافة التحكمية، وكل عمل يقيد حرية الأفكار في نموها أو ذيوعها عمل ينافي الحرية.
وهناك على الأقل افتراضان سابقان لهذه العقيدة في سوق الآراء الحرة:
الأول: هو أن التعبير الحر عن الأفكار وإذاعتها قد يوأد كلما شكلت الآثار المحتملة لهذا التعبير وهذه الأفكار خطرا واضحا مؤكدا على السلام العام أو أمن البلاد. وهذا تطبيق خاص للمبدأ الذي يقول بأن الحق لا يكون مطلقا إذا عرض للخطر حقوق أخرى لها ما له من صحة، أو أكثر مما له. وهذا أمر شائع في شئون الناس العادية؛ فحق البحث مباح، ولكنه لا يكون كذلك إذا كان يؤدي بالباحث إلى أن يجري في الكائن البشري تجربة ليعلم منها إلى أي مدى يستطيع هذا الكائن أن يعيش بعد تعذيبه. وحق الكلام ثمين، ولكنه ليس كذلك حينما يعصف بسمعة شخص باتهامه تهمة يشهر به فيها. والصدق مقدس، ولكن الشخص الذي يبوح به، وهو يعلم أنه سوف يستخدم في تدمير بلاده، خائن لوطنه.
والافتراض الثاني في عقيدة التحرر في سوق الآراء الحرة: هو أن يكون التنافس على أسس نزيهة صريحة؛ لأنه ما لم تكن هناك قواعد معينة للتنافس النزيه، شبيهة بتلك القواعد التي تتبع في ميادين التجربة والبحث الأخرى، فإن حرية الاختيار تمسي وهما من الأوهام؛ لأن الأسهم إذا ارتفعت قيمتها في السوق بعملية شراء مفتعلة، أو بالقوة أو بالخداع، فإن سعرها لا يدل البتة على حقيقتها. وإذا كانت القدرة على مقاومة المنافسة النزيهة ليست شرطا كافيا لضمان الصدق، فهي على الأقل شرط ضروري. وليست المبادئ «التي تستوجب الموت» من وجهة نظر المتحرر هي ما يخشاه؛ لأن إيمانه بالعقل يبلغ حدا يجعله على وثوق من أن أكثر الناس - عند تبادل الآراء تبادلا حرا نزيها - يختارون الحياة ولا يختارون الموت، وإنهم إذا اختاروا الموت فإنهم يستحقون ما ينتهي إليه مصيرهم، أما ما يخشاه المتحرر فهو الإفساد المنظم لسوق الآراء الحرة بضروب من النشاط تجعل الاختيار المعقول مستحيلا. إن ما يخشاه في عبارة موجزة هو التآمر وليس الزندقة.
والقصور في إدراك الفرق بين الزندقة والتآمر يقضي على الحضارة المتحررة؛ لأن النتيجة التي تترتب على ترادفهما إما أن تكون القضاء على النفس إذا عوقبت بالزندقة باعتبارها تآمرا، وإما الموت على أيدي الأعداء إذا تسامحنا مع المؤامرة واعتبرناها من قبيل الزندقة.
الزندقة مجموعة من الأفكار أو الآراء غير الشائعة التي تتعلق بموضوعات ذات أهمية قصوى للمجتمع. وحق التصريح علنا بالزندقة على أي شكل من الأشكال، وفي أي موضوع من الموضوعات، عنصر هام من عناصر المجتمع الحر. والرجل الحر مستعد للدفاع عن الزنديق المخلص مهما اختلف هذا الزنديق في رأيه عن الرأي الذي يعارضه. ويكفي الزنديق أن يدفع ثمن عدم شعبيته التي لا يجد عنها محيصا. وكل منا زنديق في بعض النواحي، ولكن المجتمع الحر لا يستطيع أن يفرض معتقدات رسمية بذاتها، تستتبع معارضتها فقدان الحرية أو الحياة.
أما المؤامرة فتتميز عن الزندقة بأنها حركة سرية أو باطنية تسعى إلى تحقيق أغراضها، لا بالطرق السياسية أو التربوية العادية، ولكن بالعمل استثناء من القواعد المشروعة. والمؤامرة لا يمكن أن تحتمل في المجتمع الحر دون أن يختل منطق التفكير؛ لأنها تهدم الشروط الضرورية لكي تتنافس المذاهب تنافسا حرا في سبيل انتشارها، ولأنها - عندما تفلح - تحطم كل زنديق أو منشق بغير رحمة.
অজানা পৃষ্ঠা