দর্শনের দৃষ্টিতে সমসাময়িক সংকট
آراء فلسفية في أزمة العصر
জনগুলি
إن الحكمة الديمقراطية التي تعرف كيف تتحاشى المذاهب المتصارعة وتلغي أثرها - تلك المذاهب التي تقوم على أساس من المصلحة - هذه الحكمة قد تكون بطبيعة الحالة نتيجة الخبرة لا نتيجة رأي خاص في العقيدة المسيحية. بيد أنا لا نستطيع أن ننكر أن الإيمان بالإنجيل (الذي تستمد منه اليهودية والمسيحية) يتميز بإدراكه ثلاثة أمور في الموقف البشري لا غنى عنها للديمقراطية؛ فهو يفترض أولا وجود مصدر من مصادر السلطة يستطيع الفرد من زاويته (أعني زاوية هذا المصدر) أن يتحدى سلطات هذه الدنيا (يجب علينا أن نطيع الله قبل الإنسان). والأمر الثاني تقدير القيمة الفذة للفرد، الأمر الذي يجعل من الخطأ أن نضعه في أي نظام سياسي باعتباره مجرد أداة. أما الإنسانية العلمية فكثيرا ما تسيء إلى كرامة الإنسان، التي تمجدها في ظاهر الأمر، وذلك بالنظر إلى الكائنات البشرية باعتبارها خاضعة للتجريب، وباعتبارها مجرد أدوات لغايات «يقرها المجتمع». وهذا الميل في عصرنا العلمي هو الذي يوثق العلاقة بين هذا العصر وبين الحكم الجماعي المستبد، ويبرر حكمنا بأن الإنسانية العلمية لا تضر لسبب واحد، وهو أنها لا تقوم على أساس برنامج سياسي يجعل السلطة حكرا على الصفوة، والتي تفترض نظرياتها دائما وبغير إخلال حيازاتهم لها.
والأمر الثالث هو إصرار المسيحية على أن الحرية الأساسية التي تجعل الإنسان خلاقا هي بعينها التي تجعله بطبيعته هداما خطرا، وإصرارها على أن كرامة الإنسان وشقاوته هما من أجل ذلك من أصل واحد. وهذا الإدراك هو أساس كل واقعية سياسية نجد فيها أن النظرية الدنيوية معيبة، سواء أكانت هذه النظرية هي الحرية أم الماركسية، وهذه النظرة هي التي تبرر النظم الديمقراطية بصورة أشد تأكيدا من أي نظرة عاطفية إلى الإنسان، سواء أكانت هذه النظرة حرة أم انقلابية.
4 (1-5) نحو مجتمع عالمي
إن كل حجة نسوغ بها قيام حكومة عالمية تستند إلى فرض بسيط، وهو أن الرغبة في نظام عالمي تدل على إمكان تحقيق الحكومة العالمية. غير أن موقفنا المزعزع لا يدل - لسوء الحظ - على قدرة الإنسان الخلقية على إنشاء حكومة عالمية بعمل إرادي، كما لا يدل على القدرة السياسية لهذه الحكومة على إيجاد مجتمع عالمي قبل نمو «التماسك الاجتماعي» بصورة أكثر تدرجا، ذلك التماسك الذي يحتاج إليه أي مجتمع أشد من حاجته إلى الحكومة.
إن أكثر الداعين إلى الحكومة العالمية يزعمون كذلك أن الأمم لا تحتاج إلا إلى أن تحذو حذو المثال الذي ثبتت صحته وسبقها إليه الأفراد في عصر آخر، أولئك الذين نعتقد أنهم حققوا تماسك المجتمع بصياغتهم لما بينهم من اتفاق في صورة قانون وبإقامتهم أداة من نوع ما لتنفيذ القانون. غير أن هذا الزعم يتجاهل الحقيقة التاريخية التي تثبت أن الاحترام المتبادل لحقوق الأفراد في الجماعات المعينة يسبق صياغة أي قانون، وأن أداة تنفيذ القانون لا يمكن أن تكون فعالة إلا إذا كانت الجماعة عموما تطبع قوانينها بطبيعتها، بحيث لا يطبق القانون إجباريا إلا على الأقلية التي تعصي.
إن مغالطة الحكومة العالمية يمكن أن تذكر في عبارتين بسيطتين؛ الأولى هي أن الحكومات لا تنشأ بالقانون (وإن كان من الممكن أحيانا فرضها بطريقة تعسفية)، وثانيتهما أن قدرة الحكومات على إيجاد التماسك بين أفراد المجتمع محددة.
والواقع أن أحكم فن من فنون السياسة لا يستطيع أن يخلق التماسك الاجتماعي، إنه يستطيع أن يقيم - إلى حد ما - بناء اجتماعيا، وأن يربط بين لبناته أو أن يعيد تصميمه، ولكن التصميم الأول للبناء الذي يعمل على إقامته لا بد أن يكون «معدا» من قبل.
إن المجتمع الدولي لا يفتقر كلية إلى التماسك الاجتماعي، ولكنه تماسك واه إذا قيس إلى ذلك التماسك الذي يوجد في حكومات معينة. ولنذكر الآن في إيجاز العوامل المختلفة التي تؤدي إلى هذا التماسك. إن أهم قوة تدعو إلى التماسك الاجتماعي في المجتمع العالمي هي اطراد الزيادة في اعتماد شعوب العالم بعضها على بعض من الناحية الاقتصادية. غير أنه من المهم أن نوازن موازنة مباشرة بين هذا الاعتماد الاقتصادي وبين المفارقة الشديدة في القدرة الاقتصادية للأمم المختلفة.
وعامل آخر في التماسك الاجتماعي بين أفراد الجماعة العالمية هو الخوف من أن تبيد الشعوب بعضها بعضا، وقد اشتدت القدرة على الإبادة في السنوات الأخيرة بالقوة الجديدة التي أمدت بها المكتشفات الذرية سلاح الموت الذي يملكه الإنسان. وينبغي ألا نهون من شأن هذا الخوف كقوة اجتماعية، كما ينبغي أن ندرك أن بعض الجماعات في التاريخ الذي مضى من التي تعددت فيها الثقافات قد حققت شيئا من التماسك باعتقادها - ولو بقدر يسير - في فضل النظام على الفوضى . ولكن الخوف من الدمار في حد ذاته أقل قوة من الخوف من خطر معين من عدو بذاته. وليس في التاريخ ما يدل على أن الشعوب قد أقامت مجتمعا مشتركا؛ لأن كلا منها كان يخشى الآخر، في حين أن التاريخ يمدنا بأمثلة كثيرة كان فيها الخوف من عدو مشترك عاملا من عوامل قوة التماسك.
إن العامل الحاسم وأهم العوامل في إيجاد التماسك الاجتماعي في المجتمع العالمي هو القوة الروحية. والأفراد المستنيرون في جميع الأمم يحسون بعض الإحساس بالواجب نحو إخوانهم في البشرية، وهو إحساس يجاوز حدود الدولة التي ينتمون إليها. وهناك على الأقل إحساس خفيف بالواجب نحو المجتمع البشري قاطبة الذي بدأنا نحس وجوده إحساسا طفيفا. وقد عزز الإحساس بهذا الواجب الذي استقر في ضمير البشرية منذ ظهور الفلسفات والديانات العالمية لتحل محل نظائرها المحلية، الضرورة الحتمية لقيام مجتمع عالمي أشد تماسكا. وهذا الإحساس المعنوي المشترك ذو أهمية قصوى لحياة الناس الخلقية والدينية، ولكن أثره السياسي المباشر لا يبلغ القدر الذي نظن أحيانا. إن التماسك السياسي يتطلب عقائد مشتركة في أمور معينة تتعلق بالعدالة، ونحن نفتقر إلى هذه العقائد.
অজানা পৃষ্ঠা