দর্শনের দৃষ্টিতে সমসাময়িক সংকট
آراء فلسفية في أزمة العصر
জনগুলি
وكذلك أدى احتكاك أبناء هذه البلاد بأبناء الغرب إلى إشعال نار الثورة الوطنية، واقتبسوا فكرة الحكومة الوطنية وحق تقرير المصير من الغرب، وحقدت المستعمرات على الإمبريالية الغربية واستغلالها لثروات بلادهم. وقد أثار هذا الشعور في نفوسهم زوال القيم القديمة وطرائق العيش العتيقة نتيجة لتأثير الغرب، والذل الذي فرضه عليهم المستعمر. ولم يعد الفلاح على سذاجته مقتصرا على فلاحة الأرض، يرضى بالقليل من الرزق وبوجود الملكيات الشاسعة. كما انحلت روابط الأسرة وتماسك أهل القرية. وكذلك العمال في المدن كانوا من القرويين المهاجرين الذين فقدوا حماية القرية ولم يجدوا الطمأنينة في المجتمع الجديد. أضف إلى ذلك تلك الطبقة الوسطى التي تعلم بعض أفرادها في الغرب وأشبعوا بروحه، فقد ثاروا على وضعهم الذليل تحت سلطان المستعمر، وعلى النظام شبه الإقطاعي الذي يسود بلادهم. وقد أدى ذلك كله إلى اضطراب الطبقة الحاكمة القديمة. وهذا التحول من نظام المستعمرات إلى الدول المستقلة أخذ يطرد بسرعة فائقة بعد الحرب العالمية الثانية.
كما أن السكان في هذه البلاد يتزايدون بنسبة مرتفعة جدا لا تمكنها مهما جدت أن تزيل معها أسباب الفقر ومظاهره. ويمكن تقسيم هذه البلاد إلى مجموعتين بالنسبة إلى نمو السكان فيها؛ مجموعة تطرد فهيا الزيادة في الوقت الحاضر، ومجموعة أخرى يمكن أن ينمو فيها السكان بسرعة فائقة. ويرجع السبب في هذا النمو إلى زيادة نسبة المواليد مع تحسن الظروف الصحية والطبية وانخفاض تكاليف العلاج.
وسوف يكون لهذه الزيادة في السكان في البلدان المتخلفة حتما آثار سياسية واجتماعية واقتصادية بعيدة المدى؛ فإما أن يرتفع مستوى المعيشة في هذه البلدان، وإما أن يبدو الفرق واضحا بينه وبين المستوى في بلاد الغرب، فتشتد العداوة بين الشرق والغرب.
وهذه الحالة من الفقر التي بيناها، واشتعال روح الوطنية، واطراد الزيادة في السكان هي التي تدفع هذه البلاد إلى السير في طريق التصنيع؛ فإن الحكومات في هذه البلاد تعتقد أن التصنيع هو الوسيلة الوحيدة لرفع مستوى المعيشة إلى الاستقلال القومي والكرامة الوطنية. إنهم يريدون أن يطبقوا الوسائل الفنية الغربية على عجل دون الشعور بضرورة الارتباط بها. ونظرا لقلة الدوافع الفردية، وضعف المهارات الفنية والقدرة على الابتكار بين الأفراد، ونظرا لضغط الظروف السياسية، فإنهم يميلون إلى تسليم الحكومة المركزية الدور الرئيسي في توجيه التنمية الاقتصادية. ونظرا إلى الحاجة إلى التوسع في الخدمات الاجتماعية كالتعليم والصحة والمرافق العامة والنقل ووسائل المواصلات، فإن مساهمة الحكومة لا بد أن تكون على نطاق فسيح.
ولكن نسبة نمو السكان سوف تخلق مشكلات عويصة حادة، وقد تقف عقبة كئودا في سبيل تحقيق الأهداف الاقتصادية. وهذه هي الظروف التي تهيئ الفرص إلى انتشار فكرة الشيوعية وتحدي الغرب.
وتتمثل هذه المشكلات الكبرى في الهند والصين على نطاق واسع. وقد بدأت الثورة ضد الغرب في هذين البلدين تحت حكومتيهما بعد الحرب العالمية الثانية، وفي كل منهما عدد كبير جدا من السكان، يبلغ في الصين نحو 650 مليونا، وفي الهند نحو 400 مليون. وهذا العدد آخذ في التزايد المستمر. وكانت الزراعة وانحطاط المستوى الاقتصادي هما الحالة السائدة هنا وهناك، ودخل الفرد في هذه البلاد يهبط إلى مستوى غاية في الانخفاض. فأخذت الحماسة زعماء البلاد لوضع الخطط الاقتصادية التي ترفع من شأنها، ووضعت الخطة في الصين على أساس تنمية الصناعات الثقيلة إلى الحد الأقصى، وعلى أساس جماعية الزراعة، وذلك دون زيادة الموارد الزراعية على وجه الإجمال أو رفع مستويات المعيشة بين السكان. أما في الهند فإن الخطة ترمي إلى تحسين مركز الزراعة وإصلاح الريف ورفع مستوى المعيشة بين الناس، مع تنمية القطاع الصناعي في الصلب ومصادر القوة وغير ذلك من الصناعات، وكذلك السلع المستهلكة. ويرسم الخطة ويراقب تنفيذها في الصين مراقبة تامة زعماء الحزب، دون مناقشة الجمهور، ومع سيطرة الحكومة المباشرة في كل مجال. أما في الهند فإن الخطط ومشروعاتها تذاع بين الجمهور، وتشترك في المسئولية مع الحكومة المركزية الصناعات الخاصة والحكومات المحلية. وتحتذي الصين في رسم خططها الاتحاد السوفيتي. وقد قال نهرو بعد زيارته الصين ذات مرة إن الهدف من الخطة الهندية «ليس هو تضحية النظم الديمقراطية على مذبح التقدم الاقتصادي ... فإن الرفاهية الاقتصادية التي تقوم على أساس إنكار الحرية البشرية وكرامة الإنسان لا يمكن أن تبلغ بأي قطر من الأقطار غاية بعيدة في نهاية الأمر.» وهذا التباين في الأهداف والبرامج بين الأمتين الكبيرتين في آسيا له أهمية قصوى في الأزمة التي تعانيها في الوقت الحاضر. (4) مصير الحرية في الغرب
في هذه الظروف التي تنشأ عن تحدي الدول المتخلفة وتحدي الشيوعية يجب أن نحاول فهم الأزمة في الغرب ذاته. إن التكنولوجيا الحديثة تدعو إلى تقسيم العالم وعدم الاستقرار فيه. وليس هناك من سبيل إلى الرجوع في تقدم المعرفة والتكنولوجيا. وحتى لو توقف الغرب عن التطور التكنولوجي، فإن الاتحاد السوفيتي وبلدان الشرق لا يمكن أن تتراجع فيه؛ فلا مناص إذن للغرب من الخضوع لتطورات التكنولوجيا أو التطبيق العلمي.
ومن ثم قام من بين المفكرين في الغرب من يدعو إلى تطور العلم إلى أبعد غاياته بغض النظر عن آثاره الإنسانية. وبناء على ما يرى هؤلاء المفكرون تصبح السياسة تابعة للقوة، وتمسي القدرة والموارد العظيمة ذات أثر في رجحان كفة الحق. وهذه النظرية - نظرية القوة المبنية على المعرفة العلمية - لا تعبأ بالمبادئ الديمقراطية، كما أنها لا تعبأ بالقيم الإنسانية. وقد ترتب على ذلك الخلط بين تقدم العلم والتدمير، وبين اليقين والشك، وبين الحرية والأمن.
وهذه الأزمة في القيم تتمثل في محاولة التوفيق بين التطور التكنولوجي القائم على البحث العلمي الحر، وبين التطور الإنساني والروحي القائم على أساس كمال شخصية الإنسان وضرورات المجتمعات البشرية والتزاماتها. والمجهود يسير نحو توجيه التقدم التكنولوجي نحو رفاهية الإنسان.
ولهذه المشكلة أوجه كثيرة تظهر في مختلف الميادين؛ فهناك أزمة الديمقراطية، هل يستطيع المجتمع الصناعي أن يعاون على التقدم البشري والتطور الاجتماعي مع المحافظة على كيانه؟ إن ذلك يعني إلى حد ما أن يئول استخدام القوى إلى أيدي أولئك الذين استطاعوا أن يظفروا بها، وعندئذ تدعى الدولة إلى زيادة التدخل لكي تحفظ للإنسانية رفاهيتها. ويزداد بذلك سلطان الدولة تدريجا حتى تضيق في النهاية بأي نقد يوجه إليها. وهناك أيضا مشكلة الموازنة بين إيجاد عمل لكل فرد دون تضخم في المجتمع الرأسمالي الصناعي، هل يمكن أن نوجد عملا لكل فرد وأن تحتفظ في الوقت ذاته بالاستقرار الاقتصادي؟ أو هل لا مندوحة لنا عن أن نضحي بأحدهما في سبيل الآخر؟ وهناك أيضا مشكلة تنظيم الغرب على أساس تعاوني غير وثيق لكي يوحد جهوده دفاعا عن نفسه ضد الشيوعية وتأييدا للتقدم الاقتصادي الديمقراطي في البلدان المتخلفة. هذه كلها مشكلات عسيرة الحل، تحطم الأمل في المستقبل، وتبعث القلق في النفوس.
অজানা পৃষ্ঠা