দর্শনের দৃষ্টিতে সমসাময়িক সংকট
آراء فلسفية في أزمة العصر
জনগুলি
إن الاستعداد للاتصال استعدادا لا يقف عند حد ليس نتيجة لأية معرفة، إنما هو قرار باتباع طريق إنساني. إن فكرة الاتصال ليست خيالية، وإنما هي من الإيمان. وكل امرئ تواجهه هذه المشكلة: هل هو يجاهد في سبيل الاتصال؟ وهل هو يؤمن به إيمانا ليس كإيمانه بشيء من العالم الآخر، ولكن كإيمانه بأمر واقعي واقعية مطلقة؟ هل هو يعتقد في قدرتنا على أن نعيش معا حقا، وعلى أن نتحادث، وأن نجد طريقنا إلى الحق عن طريق هذه المعية، وبذلك نمسي في النهاية أنفسنا على صورة أصيلة.
6 (1-7) الحاضر باعتباره نقطة التحول في العصور التاريخية
توجد في الوقت الحاضر لأول مرة وحدة حقيقية بين الناس، يدل عليها أنه لا يمكن أن يقع شيء أساسي في أي مكان لا يهم جميع الناس. والثورة التكنولوجية - في هذا الصدد - التي قام بها الأوروبيون بالعلم والاكتشاف ليست سوى الأساس المادي والسبب العاجل للكارثة الروحية.
ومن هذه الخبرة في موقفنا التاريخي بوصفه نقطة التحول في العصور التاريخية، يرتد الطرف المرة تلو الأخرى. وعندما تساءلنا: هل حدثت مثل هذه التغيرات الأساسية من قبل؟ أجبنا بأننا لا نعرف شيئا عن عصر بروميثيوس عندما تملك الإنسان دنياه عن طريق آلاته وعن طريق النار والكلام. ولكن نقطة التحول الكبرى في غضون التاريخ هي «العصر المحوري»
7 ؛ أي الفترة التي تقع حوالي عام 500ق.م. في العملية الروحية التي حدثت بين عامي 800 و200ق.م. هنا نلتقي بأعمق خط فاصل في التاريخ؛ فالإنسان - كما نعرفه اليوم - ظهر إلى الوجود.
إن أكثر الحوادث بعدا عن المألوف تتركز في هذه الفترة، إذ كان كونفوشيوس ولاوتسي يعيشان في الصين، وظهرت إلى الوجود كل مدارس الفلسفة الصينية، بما فيها مدرسة موتي وشوانج تسي وليه تسو وكثير غير هؤلاء، وأخرجت الهند أوبانشاد وبوذا، وكما حدث في الصين وقعت كل سلسلة الاحتمالات الفلسفية حتى الشك، والمادية، والسفسطة، والعدم. وفي إيران بشر زرادشت بفكرة التحدي في العالم التي تتخذ صورة النضال بين الخير والشر. وفي فلسطين ظهر الأنبياء، من إليشع وأرميا حتى أشعيا الذي ورد ذكره في سفر التثنية. وشهدت اليونان ظهور هومر، ومن الفلاسفة برامينيدس وهرقليطس وأفلاطون، وكتاب المأساة، وثيوسيديد وأرشميدس. وكل ما تدل عليه هذه الأسماء تطور خلال هذه القرون القلائل في آن واحد تقريبا في الصين والهند والغرب، دون أن يعلم أي إقليم من هذه الأقاليم بغيره.
وما استجد في هذا العصر، في أركان الدنيا الثلاثة، هو أن الإنسان أصبح واعيا بالوجود ككل، وبنفسه، وبقدراته المحدودة، فهو يحس بما في العالم من رعب وبعجزه إزاء ذلك، وهو يوجه إلى نفسه أسئلة أساسية، وهو يواجه الفضاء فيجاهد في سبيل التحرر والخلاص. وبإدراكه حدوده إدراكا واعيا يضع لنفسه أسمى الأهداف. إنه يمارس الإطلاق في أعماق ذاتية وفي جلاء ما يسمو عن العقل.
8
وإذا كنا اليوم قد دخلنا في طور تحول أساسي جديد في الإنسانية، فليس ذلك تكرارا لما حدث في العصر المحوري، وإنما هو حدث يختلف عنه من جذوره.
فمن «الظاهر» أولا نجد أن عصرنا هذا - عصر التكنولوجيا - ليس عالميا نسبيا فحسب، كتلك الحوادث التي جرت في تلك العوالم المستقلة الثلاثة في وقت واحد في «العصر المحوري»، وإنما هو عصر عالمي مطلق؛ لأنه كوكبي. ليس عصرا تسير فيه الأمور على اتصال متبادل في معناها، وعلى انفصال في واقعها، إنه كل واحد، الاتصال فيه متبادل باستمرار، وهو يحدث اليوم بوعي عالمي، ولا مناص له من أن ينتهي إلى قرار مختلف بشأن الإنسانية عن ذلك القرار الذي بلغه الإنسان في العصور الماضية. فبينما كل عهود التغير الأساسي السابقة محلية، عرضة للاستكمال بحوادث أخرى، في أماكن أخرى، وفي عوالم أخرى، إلى حد أنها لو أخفقت بقي احتمال جواز خلاص الإنسان بحركات أخرى، على حين كان ذلك في الماضي، فإن ما يحدث اليوم قاطع بات؛ إذ لم يعد شيء خارجا عنه.
অজানা পৃষ্ঠা