لا يمكن تصور العالم إلا رمزا، وما فيه مجازات من القول يتهجاها الرجل العامي دون أن يفهم لها معنى. ***
في أعماق قلوبنا جميعا ميل إلى الأعاجيب، يحبها أحسننا تفكيرا دون أن يؤمن بها، وليس حبه أقل من حبنا إياها، أجل نحن مغرمون بالأعاجيب غرام اليائس، وإن كنا نعلم أنه لا وجود لها علم يقين، بل هذا وحده ما نعلمه علم يقين، فإن وجدت الأعاجيب لم تكن أعاجيب؛ لأن الشرط فيها ألا توجد؛ لو عاد الأموات لكان أمرا طبيعيا لا أمرا عجيبا أن يعود الأموات، ولو أمكن تحول البشر إلى حيوانات مثل «لوسيوس» في الأقاصيص القديمة، لكان هذا التحول طبيعيا، ولما أدهشنا بأشد من تحول الحشرات. لا سبيل إلى الخروج من الطبيعة، وفي هذا اليقين من موجبات اليأس ما فيه، إن الممكن لا يكفينا، فنحن نطلب المستحيل، ولكن المستحيل هو ما لا يتحقق أبدا. ***
هذه الدنيا تنغص علي رجائي في الآخرة، أخشى أن تشبه تلك هذه، وهو عيب كبير يؤخذ عليها. ***
هذا الكون كما كشف العلم عنه، يورث سأما قاتلا، فإن كل الشموس قطرات من النار، وكل السيارات قطرات من الوحل. ***
كلما أعجبنا بعظمة السماء ينبغي أن نعجب أيضا بصغرنا، فإن على حقارتنا تتوقف جلالة الكون، أليس الكون في ذاته صغيرا أو كبيرا؟ فلو كان يصغر فجأة حتى يصير كرأس الدبوس، لما استطعنا أن نفطن إلى ذلك، ثم إن نظرية الزمان متصلة بنظرية المكان، فلو جاز في هذا الافتراض أيضا أن تطفأ كل شموس المجرة والسديم بمثل السرعة التي تنطفئ بها شرارة السيكارة، إذن لما بدا لأجيال البشر جميعا أن الأعمال والأيام والمسرات والأحزان قد نقصت دقيقة واحدة. ***
في كل رأي باطل شر مستطير. يحسب بعضهم أن الحالمين أيقاظا لا يسيئون قط وهو حسبان خطأ، فإن أبعد التخيلات عن الإساءة في الظاهر قد تحدث في الحقيقة أسوأ فعل؛ لأنها تبعث في النفوس كراهة الواقع والاشمئزاز من الموجود. ***
إن أسطع الحقائق جعجعة لفظية باطلة عند الذين يكرهون على قبولها، أتريد إكراهي على قبول ما تفهم أنت وما لا أفهم أنا؟! إنك إذن جاعل في لا شيئا مفهوما، بل شيئا غير مفهوم. ***
الحقيقة كالشمس لا يراها إلا من كانت له عين النسر. ***
لا يصل المرء إلى أسمى الحقائق وأطهرها بحسن التفكير، بل بقوة الشعور، ولما كانت النساء أقوى شعورا من الرجال، فإن سموهن إلى اكتناه الحقائق الربانية أيسر فيهن موهبة النبوة، وهل كان تمثيل أبوللون السيتاري ويسوع الناصري في ثياب فضفاضة كالنساء عن عبث؟! ***
ليس موضوع الفن الحقيقة، ينبغي أن تطلب الحقيقة في العلوم؛ لأن موضوعها الحقيقة، ولا ينبغي أن تطلبها في الأدب الذي لا يصح أن يكون موضوعه شيئا غير الجمال. ***
অজানা পৃষ্ঠা