وتغدى وعاد إلى عمله، فالطقس ملائم، وعنده أشياء يجب أن يتمها قبل أن يخر المزراب.
8
الجو معكر، والبرق مشتعل منذ ليال.
وفي المساء شاءت الأم أن تفاتح ولدها بحديث بيروت، فقطب أبو سعيد جفنيه الرهيبين، فارتعدت.
وغدا ميلاد إلى بيروت غدوة امرئ القيس، غاب الولد فانتظروا يومين ثلاثة، وأخيرا عرفوا أنه في المدينة. وانقضت جمعة وجمعتان، وميلاد لم يرجع.
وسرت الوشوشة في الضيعة: ابن ابو سعيد دائر على أبواب الناس، جوعان عريان ... ولكن الخبر لم يبلغ أذني أبي سعيد الكبيرتين؛ لأنه لا يخالط البشر، لا يؤمن بغير الحقل، وليمت جوعا من لا يعبد الأرض. مذهبه: من لا يزرع لا يشبع.
أما أم سعيد فعرفت أخبار ولدها من حاملة الجرة، الملقبة بالضيعة «بالبوسطة » لثرثرتها، فقعدت تبكي، وقبل عيد الميلاد بيومين قالت لزوجها: اسمح لي فتش عن ميلاد. وقبل أن يقول لا، اندفعت تقول وعيناها عالقتان بوجهه: بحياتك اسمح لي. كيف يمر عيد الميلاد والصبي غائب عن البيت؟
فعبس أبو سعيد، فقالت بانكسار: بحياتك، قل لي: روحي. - روحي، مع السلامة يا أم سعيد، ولكن خيطي فسطانك، له نصف سنة في الصندوق، وكندرتك؟
فأجابت: الفسطان نخيطه الليلة، وأستعير كندرة أم حبيب.
فاستضحك وقال: خيطي على مهلك، الفرس ما قلعت التوتة.
অজানা পৃষ্ঠা