আকাওয়াম মাসালিক

খাইর দীন তুনিসি d. 1307 AH
92

আকাওয়াম মাসালিক

أقوم المسالك في معرفة أحوال الممالك

জনগুলি

ويوجد بفرنسا طرق عديدة عمومية تتصل بها الطرق المعتادة، وست طرق كبيرة حديدية، وهي أمهات الطرق كالتي بين باريس ومرسيليا، والطرق الحديدية الفرعية كثيرة، وطول جملة الذي تم منها في سنة أربع وستين وثمانمائة وألف ثلاثة عشر ألفا وسبعة وخمسون كيلومترا، والذي فيه العمل ثلاثة آلاف وثمانمائة واثنا عشر كيلومترا، وبها كثير من مقاطع الفحم الحجري الكثيرة الفائدة والقطران الأرضي، ومقاطع الحديد والرصاص كثيرة بها، ومقاطع النحاس قليلة والفضة أقل والذهب، بحيث لا يستخرج لعدم قيامه بالمصاريف، وبها عدة مقاطع من الرخام المتشفف والمرمر والكذان والرخام الجيد وحجر الطبع وغير ذلك من أنواع الحجر المنتفع به وأنواع الجص والتراب الكبريتي والزاجي ونحوها والمياه المعدنية والعيون الملحة والسباخ الشهيرة. وغالب أراضيها خصب وبها سهول تنبت الحبوب، ومن مروجها ما هو طبيعي ومنها ما هو مزدرع، وبها بساتين كروم جيدة، ومع هذا يوجد بها أراض معطلة كائنة بين القبلة والغرب على شاطئ البحر المحيط. ومن نباتات أرضها غير القمح والشعير وغيرهما من الحبوب الدخان والقنب، إلا أنهم ينتفعون بخيوطه فقط، وحبوب الزيوت على اختلاف أنواعها والفول والجلبان والغرفالة واللوبيا والقسطل والبطاطة وسائر الثمار على اختلاف أنواعها. ويزرع بها اللفت الأحمر والعنب بكثرة، يستخرج من الأول السكر ومن الثاني المقطرات. ويربى بها دود القز بكثرة والنحل وأنواع الطير والحيوانات المستخدمة والأنعام، ومنذ سنين ربي بها الغنم المرينوس المجلوب من إسبانيا ومعز التبت وهو صقع بآسيا الوسطى اللذان شعرهما يشبه الحرير لينا. وأعمال اليد بها في غاية الإتقان، لا يسلمون جودة الصنائع وأعمال اليد لأمة من الأمم إلا للأمة الإنكليزية في عمل المكينات وبعض الأقمشة القطنية وغيرها في الكثرة ورخص أسعارها، وفيما عدا ذلك فإنهم متميزون عمن عداهم بإتقان الجوخ وجميع أقمشة الصوف والحرير والكتان والقطن وما يستعمل من الجلود، وكذا الصيني والفخار المطلي والبلور وما شاكل ذلك، وكذا صناعة الصياغة والآلات التي يستعان بها على سائر الصنائع وعمل الكراريس وغير ذلك، كما أن دائرة المتجر بها في غاية الاتساع داخل البلاد وخارجها، وأصول السلع التي تخرج من فرنسا راجعة على سبيل الإجمال إلى الأقمشة من حرير وقطن وكتان وصوف، والأشربة من سائر المقطرات والزيوت والموبيلية؛ أي أثاث البيوت، وأنواع اللباس والأسلحة والكتب والجلود. وأصول ما يدخل إليها إجمالا مثل القطن والدخان والسكر والقهوة والنيلج والكاكاو والكشنيلية وخيوط الكتاب والزيوت بأنواعها والقطران والأقمشة والذهب والفضة والقصدير والحديد والنحاس، ودخل أهل مملكة فرنسا من جميع ما ذكر في السنة كثير جدا كما يأتي تفصيل بعضه.

والأمة الفرنساوية أقل الأمم اختلاطا بمعنى أنهم أقرب الناس إلى اتحاد الجنس، ومع ذلك فإن أهل الجنوب منهم لا يشبهون أهل الشمال، لا سيما خارج المدن الكبيرة، ولم تزل سيماء الألمان ظاهرة في وجوه الألزاس وفي بعض جهات لوران، وصور الغال بادية في البريطانية السفلى، وصور الباسك في سكان جبال بيريني. والأمة في الأصل متكونة من أخلاط الغال، وهم فرع من السالت والكيمريس أو البالج والأيبار أو الباسك، ثم من الفينيقيين، ثم من الإغريق والرومان، ثم من الفرنكس المتقدم ذكرهم، ومن الألان والغوت والبورغوند والسواف. واللسان الفرنساوي مشهور بحسن التنظيم والإيضاح حتى كاد يستعمل في سائر جهات أوروبا. وأما الديانات بجميع أنواعها فغض عنها الطرف بفرنسا، فلا يمنع أحد من التدين بما شاء، إلا أن غالب الفرنسيس متمذهبون بالمذهب الكاثوليكي. (4) في نظام الإدارة السياسية

اعلم أن نظام الإدارة السياسية بفرنسا ناشئ عن موافقة جمهور الأمة في الحادي والعشرين والثاني والعشرين من دجمبر سنة إحدى وخمسين وثمانمائة وألف، ومؤسس على قواعد المعاهدة المسماة عندهم بالكونستيتوسيون المعطاة لهم في الرابع عشر من يناير سنة اثنتين وخمسين، وعلى عدة شروط صدرت بعد ذلك التاريخ. وهذا الكونستيتوسيون منشؤه أن رئيس الربوبليك - أي الدولة الجمهورية - استشار العامة، وبمساعفتهم أسسه على الأصول الآتية التي أولها: أن يبقى الرئيس مدة عشر سنين ثم يطالب في تصرفاته. الثاني: الوزراء يطالبون لرئيس الدولة فقط. الثالث: مجلس الدولة المركب من الأعيان المنتخبين مكلف بإحضار القوانين والمدافعة عنها أمام أهل القمرة. الرابع: أهل القمرة؛ أي مجلس نواب العامة، يتحاورون في القانون المراد تحريره ويقترعون عليه، وأعضاء هذا المجلس يختارهم العامة. الخامس: مجلس السناتو يتركب من الأعيان الذين لهم مزيد شهرة في المملكة، وعليهم حراسة أصول القوانين والحرية العامة. فبرز الكونستيتوسيون مؤسسا على هذه الأصول في الرابع عشر من يناير سنة اثنتين وخمسين المتقدم ذكرها، وتعينت السلطة الحكمية بأن يتصرف رئيس الربوبليك بواسطة الوزراء ومجلس الدولة ومجلس السناتو وأهل القمرة، والسلطة التأسيسية بأن تكون باتفاق الرئيس مع أهل القمرتين؛ أعني السناتو ومجلس النواب.

وما أشير إليه في مقدمة هذا الكتاب من أن وضع أصول القوانين لا يكون إلا بموافقة غالب الرشداء من أهل المملكة ... إلخ، فهو في مثل الأصول المذكورة، تأمل! ثم بمقتضى المرسوم الذي صدر من مجلس السناتو في نومبر من تلك السنة استتبت المنزلة السلطانية، وصار لويز بونابارت رئيس الدولة الجمهورية إمبراطور الفرنسيس؛ أي سلطان الفرنسيس، وتسمى بنابوليون الثالث، وهذه طالعة أوامره الرسمية: السلام من نابوليون إمبراطور الفرنسيس بنعمة الله وإرادة الأمة. وسوغ له أن يجعل وراثة الملك في ذريته الشرعيين من الذكر إلى الذكر، وإذا لم يكن له عقب فإن له أن يتبنى أحد الذكور من سلالة إخوة نابوليون الأول، وهذا التبني يقرر في مرسوم من السناتو، والتغيير المذكور المتعلق بالكونستيتوسيون عرض على العامة وقبلوه، ومن ذلك الوقت صدر ترتيبه على ما يأتي ذكره، وهو أن الإمبراطور هو رئيس المملكة وبيده العقد والحل في القوة البحرية والبرية، يشهر الحرب ويعقد شروط الصلح والمعاهدة والتجارة، ويسمي سائر المتوظفين ويعمل التراتيب اللازمة لإمضاء القوانين، وتصدر الأحكام باسمه ويعرض على القمرة ما يروم إحداثه من القوانين، وله أن يعفو عن الجناة ولو في الحق الخاص، ويقبل سائر القوانين التي يوافق عليها مجلس السناتو ويمضيها، وله أن يوقف الحرية حال المحاصرة عن وطن أو قسم من المملكة إن اقتضى الحال ذلك لوقوع هرج ونحوه بشرط أن يعرف بذلك السناتو في أسرع وقت ممكن. هذا وإن الشروط المتجرية التي يحررها الإمبراطور مع الدول الأجانب تكون قانونا للعامة فيما يتعلق بتبديل الأسعار، وجميع الخدم والمشروعات المتعلقة بالمصالح العمومية تصدر بأمر أو بترخيص منه، وكل وزير يطالب بخدمته للدولة ولا يطالب مجموعهم؛ أعني مجلس الوزراء، حيث كان مرجع المطالبة في السياسة العمومية إلى ذات الإمبراطور، ومجلس الدولة المسمى كونسيل ديتا مكلف بإعطاء الرأي في التصرفات بدون أن يعطلها عن مرادها، وأعضاء هذا المجلس يسميهم الإمبراطور الذي هو رئيسهم الطبيعي، وله تبديلهم متى شاء.

وتنقسم خدمة هذا المجلس إلى ستة أقسام تحت رئاسة رؤساء ينصبهم الإمبراطور: قسم لتهذيب القوانين الجديدة والأحكام والأمور الخارجية، وقسم لفصل النزاع الواقع بين المتوظفين فيما يخص الإدارة، وقسم للنظر في المصالح الداخلية كالتعاليم العامة وترتيب إجراء المناسك الدينية ونحوها، وقسم للأعمال في المصالح العمومية من الزراعة والتجارة ونحوهما، وقسم للمصالح العسكرية برا وبحرا، وقسم لترتيب المجابي والمصاريف. وتجتمع الأقسام المذكورة تحت رئاسة الملك أو نائبه للتأمل في الأمور المهمة مما ذكر وغيره، وللوزراء الحضور في هذا المجلس، ولهم آراء يعتد بها، ومجلس السناتو هو المحافظ على الكونستيتوسيون والحرية العمومية كما سلف، وله التداخل في فصل كل نازلة تحدث في غيبة مجلس وكلاء العامة وشرح مقاصد القانون وإبطال حكم مستبد أو مخالف للقانون، كما أن له أن لا يمضي ما اتفق عليه مجلس وكلاء العامة من القوانين إذا رآه مخالفا لأساس الكونستيتوسيون، وأن يتصرف في الكونستيتوسيون بما فيه صلاح إذا كان ذلك بطلب من الملك وكان غير مضر بالأصول.

وهذا المجلس هو الذي يقبل عرض أحوال السكان وتشكيهم من سائر الأمور، وله عرض تقرير في ذلك على الملك إن ظهر له، كما أن له التداخل في إيجاد قانون جديد بدون أن يطلب ذلك منه؛ بمعنى أنه يستأذن الإمبراطور في التقرير الذي يعرضه عليه في إحداث ما تعم مصلحته. ثم إن هذا المجلس يتركب من مائة وخمسين عضوا في الأكثر منهم كل من بلغ من أمراء العائلة الملكية من العمر ثمان عشرة سنة وكبراء الدين أي الكردينالات والماريشالات الذين حازوا نهاية المراتب العسكرية، وأمراء البحر الذين لهم رتبة ماريشال. وولاية المذكورين في المجلس تكون بمجرد وصولهم إلى تلك الدرجة من غير ولاية خاصة؛ لأنه قد جعل من حقوق وظيفتهم أن يكونوا أعضاء في المجلس المذكور، وبقية الأعضاء ينتخبهم الإمبراطور من الأعيان بوظيفة عمرية، كما ينتخب الرؤساء الأول والثواني لهذا المجلس، ولمجلس النواب أيضا.

وأما أهل هذا المجلس الأخير فإنهم يتأملون في صورة سائر القوانين التي يرام صدورها ويقترعون عليها، وكذلك أمور الأداء، وتعيين أصول مصاريف الدولة وأعضاؤه تسميهم العامة، فكل خمسة وثلاثين ألف نفس ممن لهم حق الانتخاب ينتخبون واحدا، ثم إذا تجاوز عدد المنتخبين في عمالة المقدار المذكور بأكثر من تسعة عشر ألفا يختارون نائبا آخر وهكذا، والدولة تقسم البلاد إلى دوائر للانتخاب لكل دائرة ما تحتاجه من النواب، وما يفضل عن العدد المطلوب يضاف لدائرة أخرى، وتجدد النظر في التقسيم بعد كل خمس سنين لتطلع على ما يحدث من زيادة أو نقصان في الأهالي المستحقين للانتخاب، وتدوم نيابة أولئك المختارين مدة ست سنين.

وفي قوة الإمبراطور أن يعطل مجلس وكلاء العامة لسبب من الأسباب السياسية على شرط أن يطلب من الأهالي إعادة الانتخاب، وأن لا يتجاوز تعطيلهم ستة أشهر. والمتوظف في الدولة لا يكون نائبا عن العامة، وكل من بلغ سنه من الأهالي إحدى وعشرين سنة يكون له حق الانتخاب بدون اعتبار كسب، إلا أن يكون قد حكم عليه بجناية تشين العرض أو يكون ممن لا يحسن التصرف في نفسه. وكل من بلغ سنه خمسا وعشرين سنة يمكن انتخابه لمجلس وكلاء العامة. وينبغي أن تكون أسماء الأهالي الذين لهم حق الانتخاب مقيدة بجريدة، وأما المنتخب فلا يشترط أن يكون اسمه معلوما قبل الاقتراع.

ولهذين المجلسين - أي مجلس السناتو ومجلس وكلاء العامة - تراتيب لتحسين إدارة خدمتهم كتقسيم الأعضاء إلى عدة أقسام تجتمع اجتماعات سرية للتأمل في النوازل قبل عرضها على الاجتماع العام ونحو ذلك. واعلم أن أهل القمرتين - أعني مجلس السناتو ومجلس النواب - يقترعون في كل سنة عند ابتداء الخدمة على المعروض الذي يكون جوابا عن خطبة الإمبراطور التي يلقيها عليهم بعد ندبه إياهم للاجتماع. وعند المفاوضة في المعروض المذكور يحضر نواب من الدولة في القمرتين ليشرحوا لهم سياستها ويناضلوهم عنها، وذلك المعروض هو المسمى عندهم بالادريس، وقد يتضمن تلميحات وإشارات تنبئ عن مقاصدهم من غير أن يخرجوا عن حدود الحقوق القانونية. ومباحثهم تتناول سائر متعلقات السياسة الداخلية والخارجية؛ لأن الدولة تعرض على ذينك المجلسين سياساتها على العموم، وترسل إليهما المكاتيب السياسية الواردة إليها والصادرة عنها، كما أن خطبة رئيس الدولة التي تفتتح بها الخدمة في المجلسين تتضمن الإشارة إلى السياسة الداخلية والخارجية المفصلة في حججها المعروضة.

وكل من المجلسين المذكورين يكلف كومسيونا - أي جماعة منتخبة منه - لتحرير الجواب عن الخطبة المذكورة، وقد تقع المجادلة أولا ويحضر غالبا مكلف من الدولة لإيضاح ما يشكل عليهم من مقاصدها. والكومسيون المشار إليه يجيب عن سائر المقاصد التي أشار إليها رئيس الدولة، إما بالقبول والثناء أو بعدم الإقناع والارتضاء، ثم توزع نسخ جواب الكومسيون على سائر أعضاء المجلس وتقع المفاوضة فيه بعد ذلك علنا، وهناك يلتمس كل عضو ما يراه من التبديل والتغيير. وقد كان التبديل في المدة الأولى محجرا على مجلس وكلاء العامة، وإنما يلقى إليهم صورة الجواب فيقبلونه على ما هو عليه أو يمتنعون من قبوله، ثم أبيح لهم التصرف فيه. ووزير الدولة وهو غير وزير الداخلية هو المكلف بمتعلقات خدمة الملك مع القمرتين، ولا يتعاطى غير ما ذكر من الإدارات، ويعينه في المناضلة المذكورة رئيس مجلس الدولة ونائبه وأعضاء منه في أمور خصوصية.

অজানা পৃষ্ঠা