مسكين مصطفى! ترى ماذا سيفعل الآن؟ - لا شيء، لا بد أنه ينظف ثوبه ليعود من جديد إلى العش الذي أوشك أن يتداعى!
ضباب على القرية
عد معي إلى الماضي القريب، إلى عشرين عاما، كانت القرية نائمة، والعيون الساهرة هي عيون الخفراء، قد انتشروا حولها يحفظونها من الأشرار، وامرأة واحدة تسهر إلى جانب فراش مريض قد أطبق المرض أجفانه.
وقالت المرأة وهي تسوي الغطاء، وتحكم إحاطته حول جسد المريض المتداعي: هل نمت يا عبد العال؟
وأجابها صوته الضعيف: لا!
وأشارت عيناه إلى الغرفة المجاورة، فقالت على الفور: لقد نام منذ ساعة، بعد خروج حسان.
وأغفى المريض وغلب عليه النعاس، وقهرها التعب، فاستلقت تحت قدميه. وأسدلت الأقدار سترها على الفصل الأول في الصباح، بعد أن قدمت من أبطال القصة أربعة شخوص: عبد العال المريض، الذي أسلم أنفاسه إلى نسائم الفجر، والطفل النائم في الغرفة المجاورة يصحو على صراخ أمه وعويلها، وحسان سيد القرية الثاني بعد عبد العال!
ونفض الأحياء أيديهم من الميت ، وعادوا إلى الدار، وولج حسان باب القاعة مستأذنا، وآخذا في أحضانه الطفل الصغير، وقال وهو يغالب دمع قلبه المرتعش: البقية في حياتك يا أم سيد! - حياتك الباقية! - عايز أقول لك حاجة. - اتفضل.
وانفرد لحظة، خرج حسان بعدها إلى داره، وعادت خضرة إلى القاعة لتبكي من جديد، لا على جثمان الراحل، لكن على حظ الحي؛ حظ هذا الطفل الراقد أمامها، ابن سيد القرية، عبد العال، الذي حمل معه إلى القبر السيادة والمال والهناء ...
لقد مات عبد العال عن دين لا يمكن سداده، وقد صارحها حسان بكل شيء، بأن أيام الحداد لن تنتهي حتى تنتهي معها إجراءات البيع، ولن تخرج سمعة عبد العال نقية إلا إذا ضاع كل شيء، حتى الدار!
অজানা পৃষ্ঠা