ফেরাউন যুগের ভৌগলিক মিসরের বিভাগ
أقسام مصر الجغرافية في العهد الفرعوني
জনগুলি
يجب أن نضمن سلامتها.
أما فكرة الإقليم التي لم تكن قد نشأت بعد قط، فإنه كان لابد من إبرازها إلى حيز الوجود؛ إذ كانت القبيلة بأكملها تهتم بالمحافظة على كيانها.
ويضاف إلى الفكرتين السابقتين - وهما رابطة الدم والديانة - رابطة ثالثة جديدة أوجدتها البيئة التي تعيش عليها القبيلة.
وكان على القبيلة أن تنظم نفسها لتضمن حمايتها من كل شر؛ فالرئيس الحربي الذي لم يكن ينتخب فيما سبق إلا في الأوقات العصيبة أصبح الآن ذا وظيفة ثابتة، وتمتد سلطته في زمن الحرب على كل الرجال الأشداء آباء كانوا أم أولادا. وعلى ذلك ظهرت بجانب سلطة الوالد سلطة أخرى أسمى مكانة هي سلطة رئيس الإقليم، وتلك السلطة تكون أول سلطة للقوى العامة. وهكذا ينفصل القانون العام، والقانون الخاص - والثاني خاضع للأول - عن بعضهما شيئا فشيئا. ولما كانت القبيلة مهددة في استمرار بقائها، فإنها كانت تنظم لنفسها مكانا مختارا متفقا عليه لمقاومة المعتدي؛ فكان رئيسها الأعلى يتربع عرش رئاسة جمعية القبيلة المؤلفة من رؤساء العشائر والأسرات. وفي هذا المكان المختار يحتفل القوم بإقامة الصلاة على مذبح إله القبيلة، وعندما يصبح هذا الرئيس موطد القدم في مكانته، فإنه يصير بطبيعة الحال ملكا على كل القبيلة. وهو بهذا الوصف لا يخرج عن كونه الرئيس الأول لرؤساء العشائر، أما باتخاذه صفة الكاهن الأكبر والقائد للجيش، فإنه يصبح صاحب سلطة في القبيلة لا ينازعه فيها منازع، وعندما تتعبد القبيلة أو عند اتحاد عدة قبائل لمعبود واحد، وتكون على دين واحد منفرد، وتكون في الوقت نفسه ملتفة حول ملك واحد، فإنها تنتقل إلى ما نسميه المدينة أي المقاطعة. على أن العشائر تستمر في المدينة متميزة بعضها عن البعض الآخر، وأهل تلك العشائر هم الذين تتألف منهم المدينة.
وتقسم المدينة أو القبيلة أرضها المنزرعة في نوبات معينة بين العشائر، كل منها حسب حاجتها؛ حتى يتسنى لها بذلك استمرار بقاء جميع أعضائها، ولكن قد دفع العشائر على مر الأيام حب استقرارهم في إقليمهم، كذلك حب الأمن الذي كان يزداد في نفوذهم قد دفعهم إلى تحسين مؤسساتهم وإتقانها؛ فحل بذلك البيت مكان الكوخ الذي كان يأوي الأسرة المتناسلة من جد واحد ملتفة حول مذبح الأسرة. وكان يقام بجوار بيت الأسرة مباشرة حظيرة؛ لتقي قطعانهم وأنعامهم، وكان البيت والحظيرة الملاصقة به يبنيان من جذوع الأشجار والحمأ المسنون واللبن، وهذه الأشياء هي عقار قد صنعه أعضاء العشيرة؛ فهي إذن ملك لهم، كما يملكون مثلا مواشيها أو المحصول الناتج من أرضها. وعلى ذلك أصبحت هذه الأشياء ملكا للعشيرة، لا يمكن أحد أن ينتزعها منها. ومن جهة أخرى صار لا يمكن تقسيم الأرض التي في حوزة العشائر بالدورة من جديد فيما بين أفرادها؛ لأن كل واحد منهم أصبح له مركز، وبيته في وسط قطعة الأرض التي هي نصيبه الخاص، وحينما تصير هذه الأرض في قبضة العشيرة نهائيا فإنها تصبح بهذه الكيفية متاعها، ولم يكن لها فيها من قبل غير «الاستيلاء»؛ ومن ثم برزت إلى حيز الوجود فكرة العقار الثابت، ولكن بيت العشيرة يصير في القريب العاجل غير كاف لإيواء سكانه؛ فالأسر إذن - التي تقسم العشيرة أرضها بينها - تقيم بدورها بيوتا لنفسها؛ وبهذه الطريقة تنتقل الملكية الثابتة من العشيرة للأسرة التي يمثلها رئيسها وهو الأب. وقد تصبح الأسر كلها متساوية، وتبقى كذلك إلى الوقت الذي ينقطع فيه تقسيم الأراضي بين الأسرات في دورات معينة، وعندئذ تتفاوت عن بعضها البعض. وتبقى الأراضي مدة طويلة لا يمكن أحد أن يتصرف بالبيع، ولكن يستولي عليها الابن بعد موت أبيه، وعندئذ تقسم إلى أنصبة يختلف عددها بقدر عدد الأسر الجديدة التي تنشأ من نفس الأسرة.
وكانت الإناث ترث العقار المنقول، ولكن كن بطبيعة الحال لا يشتركن في إرث الأرض؛ وذلك لأنهن - بسبب زواجهن - ينقلنها إلى أسرة ثانية. وقد كان هذا من الأمور المستحيلة؛ لأن الملكية كانت لا توجد إلا إذا كانت تحميها ديانة الأسرة. وعلى ذلك فإنها كانت مرتبطة ارتباطا لا انفصام له بعبادة الجد؛ أي النسل من الذكور، ولم يلبث أن أوجد موضوع الوراثة بين الأسرات عدم مساواة كبيرة؛ فدل ذلك بوجه خاص على أن بعضهم كان أكثر إنتاجا من البعض الآخر.
وبذلك أصبح العقار الثابت يفصل الأسرات التي من عشيرة واحدة إلى أغنياء وفقراء؛ ومن ثم ظهر عدم المساواة الاجتماعية؛ فاستيطان الأرض إذن من نتائجه أن يجعل التربة الأساس للحياة العامة والحياة الخاصة ، وذلك عندما يجلب معه فكرة الحقوق العامة للأقاليم، وفكرة الحقوق الخاصة لملكية العقار الأسري الثابت، وزيادة على ذلك ينتج عن الاستيطان في الأرض ضمان جديد، وأعني به ضمان الجوار؛ إذ لا يمكن لأسرتين متجاورتين أن تعيشا جنبا لجنب دون أن تختلطا معا؛ فمجاري المياه ونظمها وحرم الأراضي لا بد أن تنشأ بينهما منافع مشتركة منذ القدم؛ ومن ثم نشأ ضمان قوي بينهما. وليس من الضروري أن تكون هاتان الأسرتان من عشيرة واحدة؛ فالضمان الذي ينشأ من الجوار لا يجب أن يكون منشؤه وحدة الدم أو احترام ديانة الجد. على أن هذه الرابطة لا تقضي على الرابطة القديمة التي نشأت عن رابطة النسل وهي تختلط معها أحيانا، ولكن من جهة أخرى تنتزع منها صبغتها الاجتماعية، ورابطة النسل تستمر في إيجاد رابطة دينية بين أفراد العشيرة. أما رابطة الجوار فإنها توجد بين المتجاورين مهما كانت حالتهم من روابط اجتماعية؛ فرؤساء الأسر المتجاورة يجتمعون فيما بينهم ليقرروا إنشاء الطرق وحفر الترع، وكذلك لتبادل محاصيلهم الزراعية؛ فينظمون من أجل ذلك سوقا مشتركا تقام له الطرق الموصلة له، وكذلك يبنى له مأوى لحماية الأهلين والحيوان عند نشوب حرب أو نزول كارثة؛ ومن ثم تنشأ القرية. وعلى ذلك فإن المدينة لا تعتبر بعد مؤلفة من اتحاد العشائر، بل كذلك يحتمل على وجه خاص أنها مؤلفة من اتحاد القرى.
ويعد أقوى الذكور الذين يعيشون في قلب هذه القرى - وأعني بذلك الأغنياء منهم - هم رؤساء الأسر الذين ينسبون إلى جد واحد، أما الطبقة التي أقوى من أولئك فهم السادة والأشراف. والعضو الغني في عشيرته أو الشريف فيها يجعله شرفه أو غناه رئيسا. والظاهر أنه كان لكل من المقاطعات في العصر التاريخي مجلس سراة، وهذا المجلس تشير متون الأهرام إلى أنه يرجع إلى عصر ما قبل التاريخ، فهل يسوغ لنا أن نقرر أن أشراف هذه القرى الذين عاشوا في الأزمان السحيقة في القدم قد انتخبوا من بين رؤساء العشائر القديمة؟ والواقع أن الأرض قد أصبحت في أهميتها - بصفتها عنصرا اجتماعيا - تقوم مقام رابطة الدم. والظاهر أن المقاطعة قد تم تكوينها تكوينا حقيقيا في العصر الذي كانت فيه القرية بصفتها فكرة إقليمية، كانت قد أصبحت العنصر الهام في تكوين المدينة، واسم المقاطعة بالمصرية «سبات»؛ أي إقليم محدد، كان يمثل بالعلامة
وهي تفسر بوضوح أن المقاطعة كانت مقسمة إلى مراكز مرسومة على الخصب؛ أي مقسمة إلى قرى. وقد أراد بعض المؤرخين أن يرى في هذا الرسم صور ترع، ولكن إذا فرضنا أن الحق في جانبهم، فإن حفر الترع من جهة أخرى لا يمكن إلا أن يكون نتيجة تضامن منافع قد تولدت عن حسن الجوار، وقد وصلت الحضارة في المقاطعة عند ظهورها لنا لأول مرة إلى مستوى عال لا بأس به، فكانت آلاتهم - فضلا عن أسلحتهم وأوانيهم المصنوعة من الحجر المصقول - تشمل الخزف والآلات، وأدوات الزينة المصنوعة من العاج والذهب والعظم والنحاس، أما النباتات فقد كان يزرع منها القمح والشعير والكتان والأذرة وغير ذلك، وحيواناتها التي كانت تربى تشمل الضأن والمعز والبقر والكلاب والحمير، وقد أقيمت السدود ومخرت السفن عباب النيل. أما وادي النيل نفسه فقد أصلح، وكانت المقاطعة في نظر بعض المؤرخين هي حوض ري استخدم كإطار لإقليم زراعي، وهذا ما يؤكد بوضوح وجود نظام القرى قديما.
وإذن قد كان للأرض القدح المعلى في نمو العشائر المصرية؛ إذ هي التي قد حددت القرى، ومن المحتمل أنها قد وضعت الحدود النهائية للمقاطعات؛ فتغيرت بذلك الأقسام القديمة التي كانت بين القبائل والعشائر، وعلى ذلك يكون من المحقق أن المقاطعات المصرية في الوقت الذي تكون فيها اسمها قد وصلت إلى معرفة حالتيها القانونية والاجتماعية، وهاتان الحالتان هما اللتان نشأ عنهما في وقت واحد الضروريات التي تنجم عن نظام زراعي قد وصل إلى حد ما من الكمال.
অজানা পৃষ্ঠা