فتح الباب قليلا ليدخل بعض الضوء إلى الغرفة، ثم أخذ حذاءها من يدها ووضعه خارج الغرفة. ثم أخذ معطفها، ولكن بدلا من وضعه بالخارج فرشه على ألواح الأرضية التي لم تغطها سجادة. المرة الأولى التي رأته يفعل شيئا كهذا كان في الربيع الماضي، في البستان البارد الذي كانت أشجاره حينها عارية من الأوراق، خلع سترته الجلدية وفرشها على نحو لا يسعهما على الأرض. تأثرت كثيرا بتصرفه التمهيدي البسيط، وبالطريقة التي فرش بها السترة وضبط فرشها، دون أية أسئلة أو شكوك أو استعجال. لم تكن متأكدة ماذا سيحدث حتى فرش السترة، كم كان وجهه لطيفا وهادئا وعاقد العزم! استرجعت هذه الذكرى لدى رؤيته وهو ينزل على ركبتيه في هذه المساحة الضيقة ويفرش معطفها. وكانت تفكر في الوقت نفسه: لو أراد مضاجعتي الآن، فهل يعني هذا أنه لن يستطيع المجيء يوم الأربعاء؟ الأربعاء ليلا هو الموعد الذي يتقابلان فيه بانتظام في الكنيسة بعد انتهاء فرانسيس من تمرين الكورال، فكانت تظل في الكنيسة، تعزف على الأرجن، إلى أن يرحل الجميع، وقرابة الساعة الحادية عشرة كانت تنزل وتطفئ الأنوار وتنتظر عند الباب الخلفي، باب مدرسة الأحد الدينية، لكي تدخله، وقد فكرا في هذا عندما أصبح الجو باردا. ولم تعرف فرانسيس ما الحجة التي كان يقولها لزوجته. «اخلعي ملابسك كلها.»
قالت فرانسيس: «لا يمكننا أن نفعل ذلك هنا.» مع أنها كانت تعلم أنهما سيفعلانها. كانا دائما يخلعان ثيابهما كلها، حتى خلال المرة الأولى التي ضاجعها في البستان؛ لم تكن تظن أبدا أنها لن تشعر بالبرد القارص.
لم يمارسا الجنس هنا في المدرسة إلا مرة واحدة فقط، وفي الغرفة نفسها، وقد كان ذلك خلال إجازة الصيف، بعد حلول المساء. كانت جميع الأجزاء الخشبية في فصل العلوم حديثة الطلاء، ولم تكن هناك علامات تحذيرية - فلماذا يضعونها ما داموا لا يتوقعون دخول أحد الغرفة؟ - كانت رائحة الطلاء قوية جدا، ولكنهما لم يلحظا ذلك إلا بعد حين. وقد كانا في وضع ملتو بطريقة ما حتى إن سيقانهما كانت في مدخل هذا الباب، وتلطخ كلاهما بالطلاء الذي دهن به إطار الباب. ولحسن حظ تيد أنه كان يرتدي سروالا قصيرا في هذا المساء - وهو مظهر غريب في المدينة وقتذاك - واستطاع إخبار جريتا بالحقيقة؛ بأن الطلاء لطخ ساقه عندما ذهب لفعل شيء في فصل العلوم، دون أن يضطر إلى أن يشرح لها كيف كانت ساقاه عاريتين. أما فرانسيس فلم تضطر إلى شرح شيء؛ إذ إن والدتها لم تكن لتلاحظ مثل هذه الأشياء. كما أنها لم تنظف الطلاء هلالي الشكل (الذي كان موجودا فوق كاحلها مباشرة). تركته حتى يزول من تلقاء نفسه، وكانت تستمتع بالنظر إليه ومعرفة أنه ما زال موجودا، مثلما كانت تستمتع بالكدمات داكنة اللون وعلامات العض فوق ذراعيها وكتفيها، والتي كان بوسعها تغطيتها بسهولة بأكمام طويلة، ولكنها لم تفعل ذلك. ثم كان الناس يسألونها: «كيف أصبت بهذه الكدمة البشعة؟» وكانت ترد: «لا أعلم! أصاب بالكدمات بسهولة. كلما أتفقد جسدي، أجد كدمة جديدة!» كانت أديليد، زوجة أخيها، هي الوحيدة التي تعرف سبب هذه الكدمات، وكانت تختلق الموقف لتقول شيئا عنها. «أوه، لقد خرجت مع ذلك القط مجددا. أليس كذلك؟ أليس كذلك؟» كانت تضحك، بل وتضع إصبعها على مكان الكدمة.
كانت أديليد هي الشخص الوحيد الذي حكت له فرانسيس عن هذه العلاقة، وقال تيد إنه لم يخبر أحدا بها، وقد صدقته فرانسيس، لكنه لم يعلم أنها قد أخبرت أديليد. وكم تمنت لو لم تفعل؛ فلم تكن تحبها بما يكفي لتجعلها كاتمة أسرارها. كان تصرفا سوقيا ومخزيا أن تحكي لها، ولكنها سلكته فقط تباهيا أمامها. وعندما قالت أديليد «القط» بهذه الطريقة الفظة والساخرة والمستفزة التي تعكس غيرتها، شعرت فرانسيس بالسعادة والابتهاج، ولكنها شعرت كذلك بالخجل. كان سيجن جنونها لو عرفت أن تيد يتحدث عن تفاصيلهما الحميمية بمثل هذا الشكل.
كانت الليلة التي لطخا فيها نفسيهما بالطلاء حارة، والمدينة بأكملها كانت قلقة وقانطة وتنتظر هطول المطر الذي لم يهطل إلا قرب الصباح مع عاصفة رعدية. كلما استرجعت فرانسيس هذا الوقت، فإنها دائما ما كانت تفكر في البرق، كشكل من أشكال الشهوة المؤلمة المهلكة والمجنونة. اعتادت أن تفكر في كل مرة ضاجعها فيها على حدة وتسترجعها في عقلها؛ إذ كان ثمة رسالة غامضة خاصة، أو إحساس مختلف، في كل مرة: المرة التي كانا فيها في فصل العلوم كان البرق والطلاء الرطب. والمرة التي كانا فيها في السيارة خلال هطول الأمطار في منتصف العصاري، والتي مارسا فيها الجنس بإيقاع ناعس - وكان كلاهما سعيدا وناعسا وقتها حتى إنهما لم يعبآ فيما يبدو بما سيفعلانه بعد ذلك - تلك المرة غمرها إحساس بالتموج الهادئ استقر في ذاكرتها. كان إحساس التموج نابعا من تدفق ماء المطر على زجاج السيارة الأمامي، وكأنها ستائر معقودة على الجانبين.
ولكن منذ أن صارا يتقابلان بانتظام في الكنيسة، لم يتغير النمط كثيرا، وصارت كل مرة مثل غيرها تقريبا.
قال تيد بثقة: «اخلعي كل ملابسك، لا تخافي.» «وماذا لو حضر عامل النظافة؟» «لا تخافي، لقد أنهى عمله في هذه الغرفة.» «كيف عرفت؟» «طلبت منه أن ينهي عمله هنا كي أستطيع أن أعمل.»
قالت فرانسيس وهي تقهقه وتخلع بلوزتها وصدريتها بصعوبة: «تعمل؟» كان قد فك الأزرار الأمامية، ولكن لم يزل هناك ستة أزرار في كل كم. أحبت فكرة أنه خطط للأمر، وأحبت أيضا التفكير في شهوانيته التي عزمت على أن تتقد فيه بعد ظهيرة هذا اليوم في غمرة انشغاله بتوجيه فصله، ولكن من ناحية أخرى لم تحب الأمر مطلقا؛ فضحكت بقوة لتحجب التوتر أو الإحباط اللذين لم تشأ سماع صوتهما في داخلها. قبلت خط الشعر المستقيم الذي يمتد فوق بطنه كسيقان النباتات، نابعا من شعر العانة ويمتد إلى الشعر الدقيق المتناسق الذي يغطي صدره. مهما يكن، كان جسده صديقا محببا إلى جسدها، وكان يزين تلك المنطقة الشامة المسطحة داكنة اللون التي تشبه الدمعة، والتي ربما كانت مألوفة لها (وربما لجريتا) أكثر مما كانت مألوفة له هو، ثم تلك السرة الصغيرة؛ وندبة قرحة المعدة الطويلة، وندبة استئصال الزائدة الدودية، ثم شعر العانة الذي يشبه الأسلاك؛ ثم عضوه الذكري المتورد المنتصب الرائع، وكانت لا تزال تشعر بالشعيرات الخشنة في فمها.
ثم طرق أحدهم الباب. «هش، لا بأس، سيرحل.» «مستر ماكافالا!»
كانت السكرتيرة. «هش، سترحل.»
অজানা পৃষ্ঠা