110

বৃহস্পতির চাঁদ

أقمار المشتري

জনগুলি

قالت جولي: «من الواضح أنه لم يكن يحب صديقيه كثيرا.» «لا أستطيع أن أجزم بما إذا كان يفكر في الأمر بهذه الطريقة. أعنى مسألة الحب أو الكره. توقعت أن يكون لمظهرهما هيبة، أو على الأقل هكذا توقعت أن أرى الزوجة، لكنهما كانا صغيري الحجم. وكان كيث دقيقا ومضيافا جدا، وكان النمش يغطي يديه؛ أذكر يديه لأنه دائما كان يقدم لنا الشراب أو الطعام أو وسادة لنتكئ عليها بنفسه. أما كارولاين، فكانت صغيرة البنية للغاية، ذات شعر طويل ناعم، وجبهة بيضاء بارزة، وكانت ترتدي ثوبا قطنيا رمادي اللون له قلنسوة خاصة به. ولم تضع على وجهها زينة بالمرة. شعرت بضخامتي وصراخة هيئتي إلى جوارها. وبينما تبادل الرجلان أطراف الحديث عن البيت، وقفت هي وحنت رأسها ولم تكد يداها تظهران من كمي ثوبها. كان البيت جديدا. وبعدها قالت بنبرة صوتها الواهن كم كانت تحب الشتاء حيث يتجمع الجليد بالخارج، ويفرش سجادا أبيض على الأرض وتكتسي قطع الأثاث بالبياض. بدا لي أن كيث شعر بالإحراج منها، وقال إن ما تصفه أشبه بملعب سكواش، وإن كلامها يفتقر إلى الإدراك السليم. انتابني شعور بالشفقة عليها لأنها كانت على وشك أن تجعل من نفسها أضحوكة. بدت وكأنها تتوسل للآخرين أن يشعروها بالطمأنينة، ومع ذلك بدا أن طمأنة الآخرين لها تنطوي على شيء من الزيف والنفاق. هكذا كانت طبيعتها؛ حالة من التوتر الشديد تكتنفها. وبدا أن كل موضوع يطرح على مائدة الحوار يقع في حبائل سخائها العاطفي ونفاقها . حتى إن الرجل الذي كنت بصحبته أصبح فظا جدا معها، واعتبرت سلوكه دنيئا. حدثت نفسي أنها حتى لو كانت مدعية، فهذا دليل على أنها تفتقر لشعور ما، أليس كذلك؟ ألا يفترض أن يمد لها المحترمون يد المساعدة؟ كل ما في الأمر أنها لا تعرف فيما يبدو كيف تلتمس مساعدة الآخرين.

جلسنا خارج البيت على مصطبة نحتسي الشراب، وحينها ظهر الرجل الذي استضافاه في منزلهما. كان فتى يدعى مارتن في أوائل العقد الثالث من عمره، أو لعله أكبر سنا. كان يتحلى بأسلوب راق جدا. طلبت منه كارولاين بطريقة متذللة جدا إن كان بإمكانه أن يجلب بعض البطانيات - إذ كان البرد قارصا على المصطبة - ولما ذهب قالت إنه كاتب مسرحي. قالت إنه كاتب مسرحي بارع بحق، لكن مسرحياته غلب عليها الطابع الأوروبي أكثر من اللازم فلم تلق نجاحا هنا. كانت مسرحياته كثيرة جدا ولاذعة للغاية. كثيرة ولاذعة. وبعدها قالت: وا أسفاه على حال المسرح والحال التي وصل إليها الأدب في بلدنا! ألسنا في حال يرثى لها؟ إنه زمن التوافه. فحدثت نفسي بأنها يجب ألا تعرف أنني من المساهمين في هذة الحال المؤسفة، لأنني كنت أعمل آنذاك محررة مساعدة بمجلة صغيرة؛ مجلة ثاوزاند أيلاندز، وكنت قد نشرت قصيدة أو اثنتين. لكنها سألتني حينئذ إن كان بالإمكان أن أعرف مارتن على بعض الأشخاص البارزين الذين تعرفت عليهم من خلال عملي في المجلة. يا له من تحول سريع في نبرة هذا الصوت الخفيض الحساس البائس من الإهانة إلى طلب معروف! بدأت أظنها سافلة فعلا؛ عندما رجع مارتن والبطانيات معه، غمرتها حالة شديدة من الارتعاش كانت متكلفة، وشكرت له كثيرا وكأنها على شفير البكاء. ألقى ببطانية عليها، وبهذه الطريقة علمت أنهما عاشقان. أخبرني الرجل الذي كنت برفقته أن لها عشاقا. وعلى حد تعبيره تحديدا، كانت كارولاين شرهة جنسيا. سألته إن كان طارحها الغرام من قبل، فقال نعم منذ فترة طويلة. أردت أن أسأله عن كرهه لها، وإذا كان هذا الكره قد شكل عائقا أمام علاقتهما الحميمية ، لكنني أدركت أنه سؤال ساذج جدا.

طلب مني مارتن أن أتمشى معه. نزلنا عددا كبيرا من درجات السلم، وجلسنا على مصطبة بجوار المياه، واتضح لي أنه شخص خبيث. كان يحقد على بعض الناس الذين زعم أنه يعرفهم في المسرح في مونتريال. وقال إن كارولاين كانت بدينة، وبعد أن فقدت وزنها، لزم الأمر أن تخضع لعملية تجميل لبطنها لأن الجلد ترهل بشدة. فاحت من مارتن رائحة خانقة؛ كان يدخن تلك السجائر الصغيرة. بدأ الشعور بالأسى على كارولاين يطغى علي مرة أخرى. هذا ما يتعين على المرء أن يتحمله لقاء نزواته ورغباته. إذا لزم الأمر أن تتخذي عشيقا من عباقرة عالم الأدب، فهذا الرجل مثال على من ينتهي بك الأمر إلى معاشرتهم. وإذا كنت مزيفة، فالأرجح أن تقعي في شرك من هم أكثر منك زيفا. هذه هي الأفكار التي كانت تجول برأسي.

حسنا، لننتقل إلى العشاء. احتسينا الكثير من النبيذ الذي تبعه البراندي. لم يكف كيث عن ضيافتنا، لكن لم يشعر أحدنا بالاسترخاء؛ إذ كان مارتن ساخرا بطريقة لاذعة وواضحة، محاولا الانتصار على الجميع في النقاشات المطروحة، ولكن كارولاين كانت حادة بطريقة مهذبة جدا؛ فكانت تتناول كل موضوع وتحرف مسار الحديث ليبدو من تحادثه غبيا. وفي نهاية المطاف، اشتبك مارتن والرجل الذي كنت برفقته في جدال حاد وبذيء جدا لدرجة أن كارولاين طفقت تتململ وتئن. نهض الرجل الذي كنت برفقته، وقال إنه سيخلد إلى النوم، وسكت مارتن عن الحديث عابسا، أما كارولاين فبدأت تتعامل على حين غرة بود مع كيث حيث شاركته احتساء البراندي متجاهلة مارتن بالمرة.

ذهبت إلى غرفتي، فوجدت الرجل الذي أتيت برفقته في فراشي، رغم أن كلا منا كانت له غرفته الخاصة؛ إذ كانت كارولاين شديدة الاهتمام بالسلوكيات الاجتماعية السديدة رغم كل شيء. بات ليلته معي، وكان غاضبا جدا. وقبل أن أطارحه الغرام وأثناءه وبعده، لم يكف عن الكلام عن مارتن وكم كان مخادعا وغير أمين، ووافقته الرأي. وقلت إن مارتن مشكلتهما هما. فقال: فليهنآ به، هو وأسلوبه الاستعراضي المتكلف ، وأخيرا خلد إلى النوم وكذلك فعلت أنا، لكنني استيقظت في منتصف الليل. استيقظت ولدي شعور مؤكد بشيء ما. أحيانا ما نستيقظ ولدينا هذا الشعور تجاه شيء ما. أعدت ترتيب أفكاري وركزت في حديثه، وبادرني الظن ... إنه على علاقة بكارولاين. كنت أعرف ذلك. كنت أعرف. كنت أحاول إخفاء إحساسي بعلمي بالأمر؛ ليس فقط لأن معرفتي به لن تساعد في شيء، بل أيضا لأنه لم يبد لائقا أن أعرف. لكن فور أن يجزم المرء بشيء كهذا، لا يسعه كتمان إحساسه حقا. بدا كل شيء واضحا لي. مارتن مثلا، كان وجوده من ترتيبها؛ فقد حرصت على وجود العاشقين القديم والجديد معا لتحريك مشاعرها. ثمة شيء فج حيال الموقف كله، لكن هذا لا يعني أن فجاجته لن تؤتي ثمارها. ثمة شيء فج حيالها هي شخصيا. كل هذا الهراء الشعري والعبث العاطفي كان يحدث بفجاجة؛ لم تكن بارعة في زيفها وادعائها، لكن هذا لم يكن مهما. ما يهم هو رغبتها في الاستمرار في الادعاء بالقدر الكافي. ما يهم هو أن تكون لديها الرغبة في الإرباك وإشاعة البلبلة. لكي تمارس المرأة فتنتها لا يتعين عليها أن تكون مثيرة ومغرية وبارعة الجمال، كل ما في الأمر أن تكون لديها الإرادة على الإرباك.

وتساءلت في قرارة نفسي: لم تفاجأت؟ أليس هذا ما تسمعينه دائما؟ كيف لا يتبع الحب المنطق، أو لا يخدم مصلحة المرء، وكيف لا يمت بصلة للتفضيلات العادية؟»

سأل دوجلاس: «أين تسمعين هذا الكلام دائما؟» «هذا أمر عادي، غير استثنائي. هناك الحب الذكي الذي يعتمد على الاختيار الذكي؛ وهذا هو النوع الذي يجب أن يعتمد عليه المرء حين يقرر الزواج. وهناك الحب الذي لا يمت للذكاء بصلة، وهو أشبه بالهوس؛ وهذا هو الحب الذي يقيم له الجميع وزنا بحق، وهذا هو الحب الذي لا يود أحد أن يضيعه.»

قال دوجلاس: «عادي.» «تعرف ما أعنيه. وتعرف أنه صحيح؛ فكل الأفكار المبتذلة صحيحة.»

قال: «مبتذلة. هذه كلمة نادرا ما تتناهى إلى مسامعي.»

قالت جولي: «هذه قصة بائسة .»

অজানা পৃষ্ঠা