Aqidat Ahl al-Iman fi Khalq Adam ala Surat al-Rahman
عقيدة أهل الإيمان في خلق آدم على صورة الرحمن
প্রকাশক
دار اللواء للنشر والتوزيع
সংস্করণের সংখ্যা
الثانية
প্রকাশনার বছর
١٤٠٩ هـ - ١٩٨٩ م
প্রকাশনার স্থান
الرياض - المملكة العربية السعودية
জনগুলি
عقيدة أهل الإيمان في خلق آدم على صورة الرحمن
تأليف
الفقير إلى الله تعالى حمود بن عبد الله بن حمود التويجري
غفر الله له ولوالديه وللمؤمنين والمؤمنات
دار اللواء
অজানা পৃষ্ঠা
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
مقدمة / 2
عقيدة أهل الإيمان في خلق آدم على صورة الرحمن
مقدمة / 3
حقوق الطبع محفوظة للمؤلف
الطبعة الثانية
١٤٠٩ هـ - ١٩٨٩ م
المملكة العربية السعودية - الرياض ١١٤٦١
دار اللواء ص. ب: ٢٨٥٦ شارع الملك فيصل
هاتف: ٤٠٢٨٠٨٤ - ٤٠٥١٧٥٤ - برقيًا: نشر دار
مقدمة / 4
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
مقدمة الطبعة الثانية
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد فإن هذه هي الطبعة الثانية لكتاب «عقيدة أهل الإيمان، في خلق آدم على صورة الرحمن»، وهي تمتاز عن الطبعة الأولى بأربعة أشياء. أولها تصدير الكتاب بتقريظ صاحب الفضيلة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز. الثاني تصحيح كثير من الإشكالات الواقعة في كلام شيخ الإسلام أبي العباس ابن تيمية ﵀ على نسخة أخرى خطية قد كتبت في القرن الثامن من الهجرة بعد وفاة شيخ الإسلام ابن تيمية بأربع وأربعين سنة. وقد جاء في آخر هذه النسخة ما نصه فرغ منها كاتبها أبو بكر المقدسي بتاريخ العشرين من شهر جمادى الأولى سنة اثنتين وسبعين وسبعمائة في القاهرة المعزية
مقدمة / 5
الثالث تذييل الكتاب بواب العلامة الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن أبا بطين ﵀ عن حديث الصورة. وهو مع اختصاره مفيد جدًا ومطابق لجواب شيخ الإسلام ابن تيمية عن حديث الصورة فليراجع. الرابع ما ذكر في التعليق على جواب الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن أبا بطين ﵀ أنه قد طبع مرتين ضمن الأجوبة النجدية بأمر الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود ﵀ وعلى نفقته. وأن دار الإفتاء في المملكة العربية السعودية طبعته مرتين أولاهما بأمر الملك فيصل بن عبد العزيز آل سعود ﵀، وكانت دار الإفتاء حينذاك تحت رئاسة العلامة الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ ﵀. وفي التعليق أيضًا ذكر من قرظ الأجوبة النجدية من أكابر العلماء في القرن الرابع عشر من الهجرة. فليراجع التعليق المشار إليه فإنه مهم جدًا والله الموفق ..
المؤلف
مقدمة / 6
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
المملكة العربية السعودية ... الرقم ٣٨٠/خ
رئاسة إدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد ... التاريخ ٣٠/ ٣/١٤٠٨ هـ
مكتب الرئيس ... المرفقات: ............
الموضوع: ....................
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه أما بعد.
فقد اطلعت على ما كتبه صاحب الفضيلة الشيخ حمود بن عبد الله التويجري وفقه الله وبارك في أعماله فيما ورد من الأحاديث في خلق آدم على صورة الرحمن وسمى مؤلفه في ذلك «عقيدة أهل الإيمان في خلق آدم على صورة الرحمن» فألفيته كتابًا قيمًا كثير الفائدة قد ذكر فيه الأحاديث الصحيحة الواردة في خلق آدم على صورة الرحمن وفيما يتعلق بمجيء الرحمن يوم القيامة على صورته وقد أجاد وأفاد وأوضح ما هو الحق في هذه المسألة وهو أن الضمير في الحديث الصحيح في خلق آدم على صورته يعود إلى الله ﷿ وهو موافق لما جاء في حديث ابن عمر أن الله خلق آدم على صورة الرحمن وقد صححه الإمام أحمد وإسحاق بن راهويه والآجري وشيخ الإسلام ابن تيمية وآخرون من الأئمة رحمة الله عليهم جميعًا وقد بين كثير من الأئمة خطأ الإمام ابن خزيمة ﵀ في إنكار عود الضمير إلى الله سبحانه في حديث ابن عمر والصواب ما قاله الأئمة المذكورون وغيرهم في عود الضمير إلى الله ﷿ بلا كيف ولا تمثيل بل صورة الله سبحانه تليق به وتناسبه كسائر صفاته ولا يشابهه فيها شيء من خلقه ﷾ كما قال ﷿: ﴿قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (١) اللَّهُ الصَّمَدُ (٢) لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ (٣) وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ (٤)﴾ [الإخلاص: ١ - ٤]، وقال ﷿: ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾ [الشورى: ١١]، وقال سبحانه ﴿هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا﴾ [مريم: ٦٥]، وقال ﷿ ﴿فَلا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الْأَمْثَالَ إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ﴾ [النحل: ٧٤].
والآيات في هذا المعنى كثيرة، والواجب على أهل العلم والإيمان إمرار آيات الصفات وأحاديثها الصحيحة كما جاءت وعدم التأويل لها بما يخالف ظاهرها كما درج على ذلك سلف الأمة وأئمتها مع الإيمان بأن الله سبحانه ليس كمثله شيء في صورته ولا وجهه ولا يده ولا سائر صفاته بل هو سبحانه له الكمال المطلق من جميع الوجوه في جميع صفاته لا شبيه له ولا مثل له ولا تكيف صفاته بصفات خلقه كما نص على ذلك سلف الأمة وأئمتها من أصحاب النبي ﷺ وأتباعهم بإحسان ﵏ جميعًا وجعلنا من أتباعهم بإحسان.
مقدمة / 7
ومن تأمل ما كتبه أخونا العلامة الشيخ حمود التويجري في هذا الكتاب وما نقله عن الأئمة اتضح له ما ذكرنا فجزاه الله خيرا وزاده من العلم والإيمان وجعلنا وإياه وسائر إخواننا من أنصار السنة والقرآن إنه ولي ذلك والقادر عليه.
وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وآله وأصحابه ومن استقام على نهجه إلى يوم الدين.
عبد العزيز بن عبد الله بن باز
الرئيس العام
لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد
مقدمة / 8
عقيدة أهل الإيمان في خلق آدم على صورة الرحمن
تأليف
الفقير إلى الله تعالى حمود بن عبد الله بن حمود التويجري
غفر الله له ولوالديه وللمؤمنين والمؤمنات
অজানা পৃষ্ঠা
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
الحمد لله الذي خلق آدم بيديه وخلقه على صورته ونفخ فيه من روحه وعلمه الأسماء كلها وأمر الملائكة أن يسجدوا له. وفضله بهذه المزايا على سائر المخلوقات والله ذو الفضل العظيم. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له. وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله وخيرته من خلقه. صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين. وسلم تسليمًا كثيرًا.
أما بعد فقد ثبت عن النبي صلى لله عليه وسلم من طرق كثيرة أنه قال: «إن الله تعالى خلق آدم على صورته» وقد قال شيخ الإسلام أبو العباس ابن تيمية رحمه الله تعالى في رده على الرازي: إن هذا الحديث مستفيض من طرق متعددة عن عدد من الصحابة ﵃ وأنه لم يكن بين السلف من القرون الثلاثة نزاع في أن الضمير عائد إلى الله تعالى وأن سياق الأحاديث كلها تدل على ذلك. وقال أيضًا إن الأمة اتفقت على تبليغه وتصديقه ولكن لما انتشرت الجهمية في المائة الثالثة جعل طائفة الضمير فيه عائدًا إلى غير الله تعالى وسيأتي كلامه في الرد على هذه الطائفة مستوفى إن شاء الله تعالى.
1 / 5
والقول بأن الضمير فيه عائد إلى غير الله تعالى هو قول الجهمية ومن تبعهم على قولهم الباطل من علماء أهل السنة في المائة الثالثة فما بعدها. وقد ذهب إليه كثير من الأكابر المشهورين وأصحاب المصنفات الكثيرة في أنواع العلوم. وقانا الله وسائر المسلمين من اتباع زلاتهم. ولا يزال القول بمذهب الجهمية مستمرا إلى زماننا. وقد رأيت ذلك في بعض مؤلفات المعاصرين وتعليقاتهم الخاطئة. وذكر لي عن بعض المنتسبين إلى العلم أنه ألقى ذلك على الطلبة في بعض المعاهد الكبار في مدينة الرياض. ولما ذكر له بعض الطلبة قول أهل السنة أعرض عنه وأصر على قول الجهمية. عافانا الله وسائر المسلمين مما ابتلاه به.
وقد استعنت بالله تعالى وابتدأت في الكتابة فيما يتعلق بحديث الصورة. وسأذكر إن شاء الله تعالى قول أهل السنة فيه وأذكر أيضًا ما خالفه من أقوال أهل الكلام الباطل، والله المسئول أن يريني وإخواني المسلمين الحق حقًا ويرزقنا اتباعه ويرينا الباطل باطلًا ويرزقنا اجتنابه ولا يجعله ملتبسًا علينا فنضل. والله المستعان وهو حسبنا ونعم الوكيل.
فصل
قال عبد الرزاق في مصنفه أخبرنا معمر عن همام بن منبه عن أبي هريرة ﵁ قال: قال رسول الله ﷺ: «خلق الله آدم على صورته طوله ستون ذراعًا فلما خلقه قال اذهب فسلم على أولئك النفر -وهم نفر من الملائكة جلوس- فاستمع إلى ما يجيبونك فإنها تحيتك وتحية ذريتك قال فذهب فقال: السلام عليكم فقالوا: السلام عليك ورحمة الله فزادوه ورحمة الله قال: فكل من يدخل الجنة على صورة آدم طوله ستون ذراعًا فلم يزل الخلق ينقص حتى الآن» وقد رواه الإمام
1 / 6
أحمد والبخاري ومسلم وابن خزيمة في كتاب «التوحيد» كلهم من طريق عبد الرزاق.
وقال الإمام أحمد حدثنا أبو عامر - يعني عبد الملك بن عمرو العقدي- عن المغيرة بن عبد الرحمن عن أبي الزناد عن موسى بن أبي عثمان عن أبيه عن أبي هريرة ﵁ عن النبي ﷺ قال: «إن الله ﷿ خلق آدم على صورته وطوله ستون ذراعًا» إسناده لا بأس به. وقد رواه ابن خزيمة في كتاب «التوحيد» والدارقطني في كتاب «الصفات» من طريق أبي عامر.
وقال عبد الله بن الإمام أحمد في كتاب «السنة» حدثنا أبي عن عبد الرحمن بن إسحاق عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة ﵁ قال قال رسول الله ﷺ: «خلق الله آدم على صورته وطوله ستون ذراعًا» قال ابن حجر في «تهذيب التهذيب» قال المروذي عن أحمد أنه قال في عبد الرحمن بن إسحاق. أما ما كتبنا من حديثه فصحيح.
قلت وعلى هذا فهذا الحديث صحيح. ويشهد له وللحديث الذي قبله ما تقدم من حديث همام بن منبه عن أبي هريرة ﵁.
وقال الإمام أحمد حدثنا سليمان بن داود - يعني أبا داود الطيالسي - أخبرنا المثنى- وهو ابن سعيد الضبعي - عن قتادة عن أبي أيوب - وهو يحيى بن مالك المراغي - عن أبي هريرة ﵁ أن النبي ﷺ قال: «إذا قاتل أحدكم فليتق الوجه فإن الله ﷿ خلق آدم على صورته» إسناده صحيح على شرط مسلم. ورواه أحمد أيضًا عن عبد الرحمن بن مهدي قال حدثنا المثنى بن سعيد وبهز قالا
1 / 7
حدثنا همام عن قتادة عن أبي أيوب عن أبي هريرة ﵁ عن النبي ﷺ قال: «إذا قاتل أحدكم فليجتنب الوجه - قال ابن مهدي- فإن الله ﷿ خلق آدم على صورته» إسناده صحيح على شرط البخاري ومسلم. وقد رواه مسلم وابن خزيمة في كتاب «التوحيد» عن نصر بن علي الجهضمي عن أبيه عن المثنى بن سعيد عن قتادة عن أبي أيوب عن أبي هريرة ﵁. ورواه مسلم أيضًا عن محمد بن حاتم عن عبد الرحمن بن مهدي عن المثنى بن سعيد عن قتادة عن أبي أيوب عن أبي هريرة ﵁ عن النبي ﷺ قال: «إذا قاتل أحدكم أخاه فليجتنب الوجه فإن الله خلق آدم على صورته».
وقال الإمام أحمد حدثنا سفيان عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة ﵁ عن النبي ﷺ: «إذا ضرب أحدكم فليجتنب الوجه فإن الله خلق آدم على صورته» ورواه الحميدي عن سفيان بمثله، وقد رواه مسلم من طريق سفيان بن عيينة عن أبي الزناد ولم يذكر من لفظه سوى قوله: «إذا ضرب أحدكم» ورواه أبو بكر الآجري في كتاب «الشريعة» من طريق سفيان عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة ﵁ عن النبي ﷺ بمثل رواية أحمد. وفي رواية له بهذا الإسناد أن رسول الله ﷺ قال: «لا تقبحوا الوجه فإن الله تعالى خلق آدم على صورته».
وقال الإمام أحمد حدثنا يحيى بن سعيد قال حدثنا ابن عجلان قال حدثني سعيد - يعني المقبري- عن أبي هريرة ﵁ عن النبي ﷺ قال: «إذا ضرب أحدكم فليجتنب الوجه ولا يقل قبح الله وجهك ووجه من أشبه وجهك فإن الله ﷿ خلق آدم ﵇ على صورته» رجاله رجال الصحيح سوى ابن عجلان وقد روى
1 / 8
له مسلم في المتابعات ووثقه ابن عيينة وأحمد وابن معين وأبو زرعة وأبو حاتم والنسائي والعجلي. ولحديثه هذا شواهد مما تقدم وبهذا يرتقي إلى درجة الصحيح. وقد رواه ابن أبي عاصم وعبد الله بن الإمام أحمد في كتابي «السنة» لهما وابن خزيمة في كتاب «التوحيد» والدارقطني في كتاب «الصفات» وأبو بكر الآجري في كتاب «الشريعة» والبيهقي في كتاب «الأسماء والصفات» كلهم من طريق يحيى بن سعيد عن ابن عجلان. ورواه ابن أبي عاصم وابن خزيمة أيضًا من طريق الليث عن ابن عجلان.
وقد روي بإسناد ضعيف عن الإمام مالك أنه أنكر هذا الحديث مع اشتهاره وكثرة من رواه من التابعين عن أبي هريرة ﵁ ومن رواه من أتباع التابعين ومن بعدهم من الأئمة قال أبو جعفر العقيلي في كتاب الضعفاء الكبير حدثنا مقدام بن داود (١) قال حدثنا أبو زيد أحمد بن أبي الغمر والحارث بن مسكين قالا حدثنا عبد الرحمن بن القاسم قال سألت مالكًا عمن يحدث بالحديث الذي قالوا: «إن الله خلق آدم على صورته». فأنكر ذلك مالك إنكارًا شديدًا ونهى أن يتحدث به أحد، فقيل له إن ناسًا من أهل العلم يتحدثون به فقال من هم فقيل محمد بن عجلان عن أبي الزناد. فقال لم يكن يعرف ابن عجلان هذه الأشياء ولم يكن عالمًا. وذكر أبا الزناد فقال إنه لم يزل عاملًا لهؤلاء حتى مات وكان صاحب عمال يتبعهم. قال العقيلي وكان مالك بن أنس لا يرضى أبا الزناد.
قال الذهبي في الميزان في ترجمة أبي الزناد بعد إيراده لما ذكره العقيلي عن مالك من إنكاره لحديث «إن الله خلق آدم على صورته» وكلامه في أبي الزناد وابن عجلان، قلت الحديث في أن الله خلق آدم على صورته لم ينفرد به ابن عجلان فقد رواه همام عن قتادة عن أبي أيوب
_________
(١) مقدام بن داود قد تكلم فيه بعض الأئمة.
1 / 9
عن أبي هريرة، ورواه شعيب وابن عيينة عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة، ورواه معمر عن همام عن أبي هريرة، ورواه جماعة كالليث بن سعد وغيره عن ابن عجلان عن المقبري عن أبي هريرة. ورواه شعيب أيضًا وغيره عن أبي الزناد عن موسى بن أبي عثمان عن أبي هريرة، ورواه جماعة عن ابن لهيعة عن الأعرج وأبي يونس عن أبي هريرة، ورواه جرير عن الأعمش عن حبيب بن أبي ثابت عن ابن عمر عن النبي ﷺ، وله طرق أخر. وهو مخرج في الصحاح. وأبو الزناد فعمدة في الدين وابن عجلان صدوق من علماء المدينة وأجلائهم ومفتيهم. وغيره أحفظ منه. أما معنى حديث الصورة فنرد علمه إلى الله ورسوله ونسكت كما سكت السلف مع الجزم بأن الله ليس كمثله شيء انتهى.
وذكر الذهبي أيضًا في ترجمة محمد بن عجلان قول مالك لم يكن ابن عجلان يعرف هذه الأشياء ولم يكن عالمًا، وذلك لما بلغه أن ابن عجلان حدث بحديث «خلق الله آدم على صورته» قال الذهبي ولابن عجلان فيه متابعون وخرج في الصحيح انتهى.
ومن المستبعد أن يكون مالك لا يرضى أبا الزناد وهو قد أكثر الرواية عنه في الموطأ وأما ما روي عنه من إنكار الحديث الذي فيه «إن الله خلق آدم على صورته» ونهيه عن التحديث به فعلى تقدير ثبوت ذلك عنه فهو محمول على ما قيل عنه أنه كان يكره التحديث بأحاديث الصفات ذكر ذلك الحافظ ابن حجر في الباب التاسع والأربعين من «كتاب العلم» من «فتح الباري».
وأيضًا فلعل مالكًا رحمه الله تعالى كان يخشى أن يكون في التحديث بحديث الصورة فتنة لبعض الناس فيشبهون الله بخلقه أو يتأولون الحديث بما يوافق أقوال الجهمية وذلك من التحريف لكلام
1 / 10
رسول الله ﷺ والإلحاد فيه، وقد روى مسلم في مقدمة صحيحه عن عبد الله بن مسعود ﵁ أنه قال: «ما أنت بمحدث قومًا حديثًا لا تبلغه عقولهم إلا كان لبعضهم فتنة» ومن أعظم الفتن صرف النصوص الواردة في الصفات عن ظاهرها وحملها على ما يوافق أقوال المعطلة. وقد وقع في هذا الباب كثير من الأكابر المرموقين وأهل المصنفات الكبار، وهو معدود من زلاتهم التي كان النبي ﷺ يخاف منها على أمته والتي قال فيها أمير المؤمنين عمر بن الخطاب ﵁ إنها تهدم الإسلام، وقد جاء في ذلك أحاديث كثيرة، منها ما رواه الطبراني في الكبير عن أبي الدرداء ﵁ أن رسول الله ﷺ قال: «أخاف على أمتي ثلاثًا زلة عالم وجدال منافق بالقرآن والتكذيب بالقدر».
ومنها ما رواه أبو نعيم في الحلية عن عمرو بن عوف المزني ﵁ قال سمعت رسول الله ﷺ يقول: «إني أخاف على أمتي من بعدي ثلاثة أعمال قالوا وما هي يا رسول الله قال: زلة عالم وحكم جائر وهوى متبع».
ومنها ما رواه البيهقي عن ابن عمر ﵄ قال قال رسول الله ﷺ: «إن أشد ما أتخوف على أمتي ثلاث زلة عالم وجدال منافق بالقرآن ودنيا تقطع أعناقكم».
ومنها ما رواه الطبراني في الصغير عن معاذ بن جبل ﵁ قال قال رسول الله ﷺ: «إني أخاف عليكم ثلاثًا وهي كائنات زلة عالم وجدال منافق بالقرآن ودنيا تفتح عليكم».
ومنها ما رواه الإمام أحمد في الزهد عن أبي الدرداء ﵁ قال: «إنما أخشى عليكم زلة عالم وجدال المنافق بالقرآن».
1 / 11
ومنها ما رواه الدارمي في سننه وأبو نعيم في الحلية عن زياد بن حدير قال، قال لي عمر ﵁: هل تعرف ما يهدم الإسلام، قال قلت: لا. قال: «يهدمه زلة عالم وجدال المنافق بالكتاب وحكم الأئمة المضلين». وهذه الأحاديث يشد بعضها بعضًا، وفيها أبلغ تحذير من الاغترار بزلات العلماء والأخذ بها.
وإذا علم هذا فليعلم أيضًا أنه لا يجوز كتمان ما جاء به الرسول ﷺ بل لا بد من تبليغه ولا يلتفت إلى نهي من نهى عن ذلك وأنكره.
فصل
وقد اختلف في الضمير في قوله «خلق الله آدم على صورته» على من يعود الضمير.
وقد ذكر الحافظ ابن حجر في «فتح الباري» ثلاثة أقوال في ذلك، أحدها: وهو قول الأكثر أنه يعود على المضروب لما تقدم من الأمر بإكرام وجهه.
قلت وإلى هذا ذهب ابن خزيمة فقال في «كتاب التوحيد» بعد إيراده لحديث أبي هريرة ﵁ في ذلك من عدة طرق. قال أبو بكر توهم بعض من لم يتحر العلم أن قوله «على صورته» يريد صورة الرحمن عز ربنا وجل عن أن يكون هذا معنى الخبر. بل معنى قوله «خلق الله آدم على صورته» الهاء في هذا الموضع كناية عن اسم المضروب والمشتوم. أراد ﷺ أن الله خلق آدم على صورة هذا المضروب الذي أمر الضارب باجتناب وجهه بالضرب والذي قبح وجهه، فزجر ﷺ أن يقول ووجه من أشبه وجهك لأن وجه آدم شبيه وجه بنيه فإذا قال الشاتم لبعض بني آدم. قبح الله وجهك ووجه من أشبه وجهك كان مقبحًا وجه آدم صلوات الله
1 / 12
وسلامه عليه الذي وجوه بنيه شبيهة بوجه أبيهم. فتفهموا رحمكم الله. معنى الخبر لا تغلطوا ولا تغالطوا فتضلوا عن سواء السبيل وتحملوا على القول بالتشبيه الذي هو ضلال.
هذا نص كلام ابن خزيمة على حديث أبي هريرة ﵁ في الصورة وهو معدود من زلاته لأنه قد ذهب إلى قول الجهمية في تفسيره لمعنى قول النبي ﷺ: «إن الله خلق آدم على صورته» وقد نقل شيخ الإسلام أبو العباس ابن تيمية رحمه الله تعالى في كتابه المسمى «نقض أساس التقديس» عن الشيخ أبي الحسن محمد بن عبد الملك الكرجي (١) الشافعي أنه قال في كتابه الذي سماه «الفصول في الأصول عن الأئمة الفحول إلزامًا لذوي البدع والفضول» فأما تأويل من لم يتابعه عليه الأئمة فغير مقبول وإن صدر ذلك التأويل عن إمام معروف غير مجهول نحو ما ينسب إلى أبي بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة تأويل الحديث «خلق آدم على صورته» فإنه يفسر ذلك بذلك التأويل ولم يتابعه عليه من قبله من أئمة الحديث لما روينا عن أحمد رحمه الله تعالى. ولم يتابعه أيضًا من بعده، حتى رأيت في «كتاب الفقهاء» للعبادي الفقيه أنه ذكر الفقهاء وذكر عن كل واحد منهم مسألة تفرد بها، فذكر الإمام ابن خزيمة وأنه تفرد بتأويل هذا الحديث «خلق آدم على صورته» على أني سمعت عدة من المشايخ رووا أن ذلك التأويل مزور مربوط على ابن خزيمة وإفك مفترى عليه. فهذا وأمثال ذلك من التأويل لا نقبله ولا نلتفت إليه بل نوافق ونتابع ما اتفق الجمهور عليه. قال شيخ الإسلام أبو العباس وقد ذكر الحافظ أبو موسى المديني فيما جمعه من مناقب الإمام الملقب بقوام
_________
(١) الكرجي بفتح الكاف والراء وبالجيم نسبة إلى الكرج وهي بلدة من بلاد الجبل بين أصبهان وهمدان.
1 / 13
السنة أبي القاسم إسماعيل بن محمد التيمي صاحب «كتاب الترغيب والترهيب» قال سمعته يقول: أخطأ محمد بن إسحاق بن خزيمة في حديث الصورة. ولا يطعن عليه بذلك بل لا يؤخذ عنه هذا فحسب. قال أبو موسى أشار بذلك إلى أنه قل من إمام إلا وله زلة فإذا ترك ذلك الإمام لأجل زلته ترك كثير من الأئمة، وهذا لا ينبغي أن يفعل. انتهى.
وقال الذهبي في كتابه «سير أعلام النبلاء» في ترجمة ابن خزيمة وكتابه في التوحيد مجلد كبير، وقد تأول في ذلك حديث الصورة. فليعذر من تأول بعض الصفات. وأما السلف فما خاضوا في التأويل. بل آمنوا وكفوا وفوضوا علم ذلك إلى الله ورسوله: ولو أن كل من أخطأ في اجتهاده - مع صحة إيمانه وتوخيه لاتباع الحق- أهدرناه وبدعناه، لقل من يسلم من الأئمة معنا. رحم الله الجميع بمنه وكرمه».
وقد ذكر ابن قتيبة في كتابه المسمى «تأويل مختلف الحديث» عدة أقوال من أقوال أهل الكلام في تأويل قول النبي ﷺ: «إن الله خلق آدم على صورته» ومنها أن المراد أن الله جل وعز خلق آدم على صورة الوجه، قال ابن قتيبة: وهذا لا فائدة فيه، والناس يعلمون أن الله ﵎ خلق آدم على خلق ولده ووجهه على وجوههم، وزاد قوم في الحديث أنه ﵇ مر برجل يضرب وجه رجل آخر فقال: «لا تضربه فإن الله تعالى خلق آدم ﵇ على صورته» أي صورة المضروب، وفي هذا القول من الخلل ما في الأول. انتهى وسيأتي ذكر ما أشار إليه من الخلل في القول الأول إن شاء الله تعالى والزيادة التي ذكرها ابن قتيبة في حديث الصورة لا أصل لها ولم أرها في شيء من الروايات الصحيحة. وقد ذكر شيخ الإسلام أبو العباس ابن تيمية أنه لا أصل لذلك ولا يعرف في شيء من كتب الحديث.
وقد رد الإمام أحمد رحمه الله تعالى على من قال إن الضمير في قول
1 / 14
النبي ﷺ: «خلق الله آدم على صورته» يعود على المضروب ونص على أن هذا قول الجهمية.
قال الطبراني في «كتاب السنة» حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال: قال رجل لأبي إن رجلًا قال خلق الله آدم على صورته، أي صورة الرجل، فقال: كذب هذا قول الجهمية، وأي فائدة في هذا، وقد نقل الحافظ الذهبي هذه الرواية في «الميزان» في ترجمة حمدان بن الهيثم، ونقلها الحافظ ابن حجر في آخر «كتاب العتق» من «فتح الباري».
القول الثاني: أن الضمير يعود على آدم، قال الحافظ ابن حجر في «فتح الباري»: زعم بعضهم أن الضمير يعود على آدم، أي على صفته أي خلقه موصوفًا بالعلم الذي فضل به الحيوان. قال الحافظ: وهذا محتمل. قلت: ما أبعده من الاحتمال وإنما هو قول باطل مردود بالنص على أن الله خلق آدم على صورة الرحمن. وسيأتي ذكر هذا النص قريبًا إن شاء الله تعالى.
والقول بأن الضمير يعود على آدم وأن الله تعالى خلق آدم على صورته، أي على صورة آدم مروي عن أبي ثور إبراهيم بن خالد الكلبي. وبه يقول بعض أكابر العلماء بعد القرون الثلاثة المفضلة، وهو معدود من زلاتهم، وقد ذكر ابن قتيبة هذا القول عن أهل الكلام والمراد بأهل الكلام عند أهل السنة أهل الكلام الباطل الذي ذمه السلف وحذروا منه - قال في كتابه الذي سماه «تأويل مختلف الحديث» وقد اضطرب الناس في تأويل قول رسول الله ﷺ: «إنه خلق آدم ﵇ على صورته» فقال قوم من أصحاب الكلام: أراد خلق آدم على صورة آدم، لم يزد على ذلك. قال ابن قتيبة ولو كان المراد هذا ما كان في الكلام فائدة، ومن يشك في أن الله تعالى خلق الإنسان على صورته والسباع على صورها والأنعام على صورها، قال وقال قوم:
1 / 15