عقيدة الولاء والبراء - المقدم
عقيدة الولاء والبراء - المقدم
জনগুলি
مفهوم الولاء والبراء في اللغة والاصطلاح
جاء في لسان العرب: يقول ابن الأعرابي: الموالاة: أن يتشاجر اثنان فيدخل ثالث بينهما للصلح، ويكون له في أحدهما هوى فيواليه أو يحابيه، فيقال: قد والاه، ووالى فلان فلانًا إذا أحبه.
والمولى: اسم يطلق على معان كثيرة، منها الرب والمالك، والسيد، والمنعم، والمعتِق، والناصر، والمحب، والتابع، والجار، وابن العم، والحليف، والنزيل، والصهر، والعبد، والمعتَق، والمنعم عليه.
ويلاحظ في كل هذه المعاني أنها تقوم على النصرة والمحبة والولاية في النسب والنصرة والعتق.
والموالاة: من والى القوم موالاة، قال الشافعي في قوله ﷺ: (من كنت مولاه فـ علي مولاه): يعني بذلك ولاء الإسلام، كقوله تعالى: ﴿ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَأَنَّ الْكَافِرِينَ لا مَوْلَى لَهُمْ﴾ [محمد:١١].
والموالاة: ضد المعاداة، والولي: ضد العدو، يقول الله ﷿ حاكيًا عن إبراهيم ﵇: ﴿يَا أَبَتِ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يَمَسَّكَ عَذَابٌ مِنَ الرَّحْمَنِ فَتَكُونَ لِلشَّيْطَانِ وَلِيًّا﴾ [مريم:٤٥].
قال ثعلب: كل من عبد شيئًا من دون الله فقد اتخذه وليًا، وقال ﷿: ﴿اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا﴾ [البقرة:٢٥٧] أي: وليهم في نصرهم على عدوهم، وإظهار دينهم على دين مخالفيهم، وقيل: يتولى ثوابهم ومجازاتهم بحسن أعمالهم.
والولي: القرب والدنو، والموالاة: المتابعة، والتولي يكون بمعنى الإعراض، ويكون بمعنى الاتباع، كقوله تعالى: ﴿وَإِنْ تَتَوَلَّوْا﴾ [محمد:٣٨] يعني: تعرضوا، ﴿يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ﴾ [محمد:٣٨]، وقوله تعالى: ﴿وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ﴾ [المائدة:٥١] يعني: يتبعهم وينصرهم.
أما البراء: فيقال: برئ إذا تخلص، وبرئ إذا تنزه وتباعد، وبرئ إذا أعذر وأنذر، ومنه قوله تعالى: ﴿بَرَاءَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ﴾ [التوبة:١] أي: إعذار وإنذار، وفي حديث أبي هريرة ﵁ لما دعاه عمر إلى العمل إلى أن يواليه فأبى أبو هريرة، فقال عمر: إن يوسف قد سأل العمل -أي: لما قال: ﴿اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ﴾ [يوسف:٥٥] فقال أبو هريرة: إن يوسف مني بريء، وأنا منه براء، يعني: أنا بريء عن أن أكون مساويًا له في الحكم، وأن أقاس به، يعني: أنا أقل من أن أقاس بيوسف ﵇، فمعنى البراءة هنا: أنا بريء عن مساواته في الحكم وأن أقاس به، ولم يرد براءة الولاية والمحبة؛ لأنه مأمور بالإيمان به.
والولاء بالمعنى الاصطلاحي: هو النصرة والمحبة والإكرام والاحترام، والكون مع المحبوبين ظاهرًا وباطنًا، كما قال ﷿: ﴿اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ﴾ [البقرة:٢٥٧]، فموالاة الكفار تعني: التقرب إليهم، وإظهار الود لهم بالأقوال والأفعال والنوايا.
أما البراء بالمعنى الاصطلاحي: فهو البعد والخلاص والعداوة بعد الإنذار والإعذار، يقول شيخ الإسلام: الولاية ضد العداوة، وأصل الولاية المحبة والقرب، وأصل العداوة البغض والبعد، والولي: القريب، يقال: هذا يلي هذا، أي: يقرب منه، ومنه قوله ﷺ: (ألحقوا الفرائض بأهلها، فما بقي فهو لأولى رجل ذكر)، يعني: لأقرب رجل إلى الميت.
فإذا كان ولي الله هو الموافق والمتابع له حين يحبه ويرضاه، ويبغضه ويسخطه، ويأمر به وينهى عنه؛ كان المعادي لوليه معاديًا له، كما قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ﴾ [الممتحنة:١]، فمن عادى أولياء الله فقد عادى الله، ومن عادى الله فقد حاربه الله، كما جاء في الحديث القدسي: (من عادى لي وليًا فقد بارزني بالمحاربة).
1 / 7