আকবাত ওয়া মুসলিমুন
أقباط ومسلمون: منذ الفتح العربي إلى عام ١٩٢٢م
জনগুলি
إن جميع المؤرخين والكتاب المسلمين يتنافسون في ذكر هذه الأحاديث المطبوعة بطابع العطف البليغ، ومنها وصيته عند وفاته: «الله، الله، في قبط مصر، فإنكم ستظهرون عليهم ويكونون لكم عدة وأعوانا في سبيل الله»، ومن حديث له أيضا: «قبط مصر فإنهم أخوال وأصهار وهم أعوانكم على عدوكم وأعوانكم على دينكم»، ولما سئل: «كيف يكونون أعوانا على ديننا يا رسول الله» قال: «يكفونكم أعمال الدنيا وتتفرغون للعبادة»، وقال النبي أيضا: «لو بقي إبراهيم، ما تركت قبطيا إلا وضعت عنه الجزية ».
2
ولا نخفي أن كلاما يقوله النبي بهذه الدقة عن شعب لا يعرفه ويفكر في غزوه، لمدعاة إلى الدهشة والاستغراب، غير أننا نستطيع الجزم بأن صاحب الدعوة الإسلامية كان يضمر كل خير لسكان مصر الأصليين، ونتساءل الآن: هل كان لمارية القبطية تأثير حسن على شعور النبي؟ هل أحيط النبي علما بعداء الأقباط لحكامهم البيزنطيين؟ وهل استنتج من هذه العداوة ميل الأقباط إلى التعاون مع الفاتح المسلم؟ لو صدقنا هذا التأويل لاستطعنا أن نفسر مغزى الرسالة التي أرسلها النبي إلى المقوقس، مع كون المقوقس مرءوسا لعاهل بيزنطيا.
وعلى كل، كانت مصر من الوجهة الجغرافية بعيدة عن جزيرة العرب، فكان لزاما على العرب، وهم لا يملكون أسطولا بحريا لاجتياز البحر الأحمر، أن يقطعوا على أقدامهم أراضي سوريا ولبنان لغزو مصر، ثم لما انتصر النبي على قريش ودخل مكة ظافرا، اهتم أولا بتوحيد جزيرة العرب وإدارتها، ولم يفكر جديا في بسط سلطانه على أراض جديدة، وقد صرف من بعده خليفته أبو بكر معظم سني حكمه في تدعيم وحدة القبائل العربية وتطهير أوكار المقاومة بين القبائل الثائرة، ولم يشعر العرب فعلا بقدرتهم على إظهار نشاطهم الحربي خارج الجزيرة إلا في خلافة عمر بن الخطاب. (1-2) العرب لا يجدون مبررا سياسيا لفتح مصر
تساءل كثير من الكتاب عن الأسباب التي دعت العرب إلى فتح مصر، وحاول بعضهم أن يجد حلا لهذه المسألة، غير أنه من الصعب الوصول إلى مبرر سياسي لهذه الفتوحات، لا سيما وأن المؤرخين المسلمين وفروا على أنفسهم مشقة البحث في هذا المضمار.
والواقع أن الفرس والروم كانوا ينشدون الراحة؛ لأن الحروب التي وقعت بينهم أنهكتهم، ثم لم يتوجسوا خيفة من القبائل التي تسكن الفيافي العربية المترامية الأطراف، وإذا اقتفينا آثار المؤرخين العرب الذين اهتموا بالرسالتين التي قد أرسلهما النبي إلى عاهلي إمبراطورية الفرس وإمبراطورية بيزنطيا، وجدناهم متفقين على أن عاهل بيزنطيا لم يبال قط بالرد على الدعوة التي وجهت إليه، كما أن ملك الفرس مزق علانية الرسالة، معلنا احتقاره للجنس العربي.
نقول هذا كله لنقيم البرهان على أن الفتوحات العربية لم ترتكز على أغراض دفاعية، وما أسهل الكشف عن أسباب الفتوحات، لقد وحد الإسلام القبائل العربية، التي اعتادت شن الإغارات على بعضها، كما اعتادت السلب والنهب لسوء أحوالها الاقتصادية، فلما حلت بينها روح الإخاء التي نشرها الإسلام محل العداء المألوف، بحث سكان الجزيرة بطبيعة الحال عن أرض أقل جدبا ليرتزقوا منها، فلم يتردد المسلمون - وقد حفزتهم قوة إيمانهم واقتناعهم بأن الشعوب التي لا تعتنق الإسلام تضمر لهم العداء - أقول لم يتردد المسلمون إلى الخروج عبر حدود بلادهم لينتزعوا من المشركين والوثنيين بقاعهم الغنية.
قيل: إن الحاجة تبرر كل عمل عدائي، ويحدثنا التاريخ بأن قبل ظهور الإسلام بعهد بعيد، قام العرب بأعمال عدائية بحثا عن القوت؛ فغزوا مصر في عهد الفراعنة، واستقروا فترة من الزمن في «آشور» كما توصلوا إلى دخول الحبشة، ولم يتفق حدوث هذه الغزوات مع ظهور ديانة أو رسالة جديدة، ويقول الدكتور سليمان حزين، العالم الجغرافي: إنه توجد علاقة بين هذه الغزوات المتكررة والأحوال الجوية، ودافع بدوره عن نظرية التغييرات الجوية، ويقول أيضا: إنه يوجد ما يثبت أن مناخ بلاد العرب الشمالية والجنوبية في الفترة الواقعة بين القرن الثاني عشر قبل الميلاد والقرن الثالث بعد الميلاد، كان أشد رطوبة مما هو عليه اليوم، وأن الأمطار بدأت تخف ابتداء من القرن الثالث، ثم تناقصت تدريجيا إلى بداية القرن السادس، حيث وصل الجفاف إلى الذروة، ولكنه يبادر بالإضافة قائلا: إنه من المبالغ فيه تعليل توسع العرب إلى جفاف مناخ الجزيرة، ومع كل فلا بد أن يكون هذا الجفاف قد أثر في هذا التوسع.
3 (1-3) أسباب الفتح الإسلامي لم تكن دينية فحسب
يميل بعض المفكرين إلى تصوير الغزاة العرب الأولين بمظهر المبشرين المسلمين، الذين دفعهم إيمانهم إلى فتح العالم بأسره.
অজানা পৃষ্ঠা