وقد أدركنا بحمد الله جملة من أشياخ الطريق أول هذا القرن ووكانوا على قدم عظيم فى العبادة والنسك والورع والخشية وكف الجوارح الظاهرة والباطنة عن الاثام حتى لا تجد أحدهم قط يعمل شيئا يكتبه كاتب الشمال ، وكان للطريق حرمة وهيبة ، وكان الامراء والملوك يتبركون باهلها .ويقبلون بطون أقدامهم ، لما يشهدونه من صفاتهم الحسنة ، فلبا الذهبوا زالت حرمة الطريق وأهلها ، وصار الناس يسخرون بأحدهم ويقولون لبعضهم : ما دريتم ما جرى؟ فلان الاخر عمل شيخا !21 كأنهم لا يسلبون له ما يدعيه لما هو عليه من محبة الدنيا وشهواتها اوالتلذذ بمطاعمها وملابسها ومناكها ، والسعى على تحصيلها ، حتى أنى قلت البعض التجار لم لا تجتمع بالشيخ الفلانى فقال : إن كان شيخا فأنا الآخر
شيخ؟ ، فإنه يحب الدنيا كما أحبها ، ويسعى فى تحصيلها كما أسعى ، بل اهو أشد منى سعيا على الدنيا ، لانه يسافر إلى الروم (1) فى طلبها وأنا لم أاسافر ، وربما أكل الدنيا بصلاحه وأنا لم أكلها بصلاحى ، فأنا أحسن احالا منه فأردت أن أجيب عنه فرأيت الحس يكذبنى وقد رأيت بعينى السلطان الغورى ، وهو يقبل يد سيدي محمد بن اعنان ، ورأيت السلطان طومان باى الذى تولى بعده يقبل بطن رجله وطلعت مرة مع سيدى الشيخ أنى الحسن الغمرى للسلطان الغورى فيا شفاعة ، فقام للشيخ وعضده من تحت أبطه وقال : يا سيدن عززتنى في اهذا النهار ، فإنى ومملكتى كلها لا نفى حق طريقك.
ووكان آخر الأشياخ الذين أدركناهم ، سيدى الشيخ على المرصفى رضى
الله عنه ، فلما توفى فى جمادى الأول سنة ثلاثين وتسعماية ، انحل نظام (1) بلاد الروم .
অজানা পৃষ্ঠা