ذكر بعض الأدباء شعراء فرنسيين اشتهروا بأحزانهم، وامتازوا كما قيل بدموعهم، وفي مقدمة من ذكروا ألفريد ده موسه “Alfred de Musset”
واستشهدوا به على «عظمة» الدموع لكبار شعراء الغرام والأحزان عندنا، وقد قالوا: إن ده موسه بعد تمرده على البكاء، راح إلى لامرتين “Alphonse Lamartine”
باكيا، فرحب به بكلمة من كلماته الكبيرة في حب «عظمة الآلام الإنسانية».
ومن مزايا الأدب في تلك الأيام، وقل من أمراضه الإكثار من لفظة العظمة، التي استخدمت لوصف العصر بحذافيره من لصه إلى أميره، ومن أعلامه إلى آلامه ومع أن هذه المدرسة الرومنطقية (اللامنطقية ؟) قد اضمحلت، فلا بد من كلمة وجيزة في ده موسه، الذي استشهد به أدباؤنا وشعراؤنا الغزليون؛ ليبرروا استرسالهم في الغرام والحزن والبكاء.
وخير الكلام في الموضوع ما كان لجهابذة الفرنسيس أنفسهم، أني ألفت إلى ما يلي نظر الجاهلين، وأذكر به العارفين من أدبائنا.
قال سنت بوف “Charels Sainte-Beuve”
ما معناه: ما صفا شعر موسه وسما إلا بعد أن أحب الشاعر، وأخلص في حبه، وإنك لتجد مثال هذا الشعر في «الليالي» ومصدر جماله مزدوج، إن مصدره الألم، وشغف النفس الأليمة بالحياة، فالشاعر شاعر رغم آلامه وأحزانه، بأن ينابيع الحياة لم تنضب ولن تنضب، وأن الجمال في الكون لم ينقص ولن ينقص، لا في روعته ولا في تنوعه، ولولا هذا الشعور الحي على الدوام في ده موسه، لولا الشجاعة والتفاؤل ولولا الأمل في تجدد الشباب، وترداد آياته الخالدة من جيل إلى جيل، كما تردد في المروج وفي أنوار الفجر وألوان الغروب، وفي تغريد الأطيار وتفتح الأزهار، آيات الجمال الخالد، لما كان لآلامه وقع حسن في القلوب ولما قبلت أحزانه واستعذبت مهما كان بليغا ومهما كان متأنقا في تبيانها.
2
وقد قال النقادة الأكبر تاين
3 “Hippolyte Taine” : «شاخ ده موسه وظل شابا»، فقد كانت ملائكة الأحزان تزوره ليلا، حتى في آخر أيامه وتهديه إلى المصادر القدسية في الشعر، وقد رأى ده موسه من ذروات ريبه ويأسه جوامع الحياة وشواردها منبسطة أمامه انبساط السهول والبحار لمن يراها من أعالي الجبال.
অজানা পৃষ্ঠা