ساس الأنام شياطين مسلطة
في كل قطر من الوالين شيطان
هو ذا الألم القومي بل الألم الإنساني، الذي يتمثل في الشاعر الكبير فيرفعه إلى أوج المعرفة والشعور، ويسلحه بالجرأة زينة البلاغة، وبالحرية زينة الحق وبالصدق والإخلاص زينة النزعات النفسية والقومية والإنسانية كلها.
وها هنا يحق لنا أن نسأل: هل الشاعر الكبير يبكي من الألم؟ وبكلمة أخرى: هل يهيج الألم فيه الدم أم الدموع؟ هو السؤال الذي يقف بنا في هذه المناظرة عند النقطة الثالثة الجوهرية، وهي الدموع.
الدموع
لصديقي الشاعر الشيخ فؤاد الخطيب بيت في الدموع، كان يردده يوم كنا بجدة، وهو يشدو على طريقته البدوية المشجية فينسينا، ونحن نهتف: الله، الله! أننا في بلد تغتفر فيه اللهفات، ولا يسأل فيه صاحب العبرات، وكأني الآن وتلك الذكرى تعود في لبنان، أسمعه ينشد كذلك في عمان:
هات الدموع، وحسبي في البلاء بها
أن الدموع يد الله بيضاء
1
ولكني وأنا في هذا الملجأ القصي، من سحر شدوه البدوي، أرفع قضيتي إلى محكمة العقل، وأسأل مستأنفا حكم الشاعر: هل الدموع في البلاء مفيدة؟ بل أسأل إطلاقا: هل تنفع الدموع؟
অজানা পৃষ্ঠা