81

وشاعرنا العربي على هذا المذهب حين قال:

يا عز هل لك في شيخ فتى أبدا

وقد يكون شباب غير فتيان

وعندهم مقياس الهمة والطموح، وأصحاب هذا المقياس يحسبون المرء شابا ما دام له مطمع في المجد والعظمة، فإن ونى وقنع فهو هرم الهمة وإن كان فتى الأيام ...

وعندهم من يقول إن الخمسين شباب الشيخوخة وشيخوخة الشباب ...

ولكنها كلها مقاييس عامة لجميع الناس، وإنما المقياس الخاص ما يقيسك بنوع عملك، أو شغل نفسك الذي لازمك في كل الأعمار، فإذا استطعت في الستين عملا كنت تقدر عليه وعمرك عشرون أو ثلاثون سنة، فأنت في شيخوخة يمازجها الشباب، ومهما يقل أصحاب مقياس الشعور، أو أصحاب مقياس القلب والهوى، أو أصحاب مقياس الهمة والطموح، أو أصحاب مقياس الخمسين ...

والمقياس الواحد الذي أقيس به جهدي في جميع أدوار حياتي هو النهم إلى المعرفة، فإنني لا أذكر سنا لم أكن فيها أحب أن أعرف، وأن أقرأ وأن أختبر، وأن أفيد من كل ذلك توسعة في آفاق الشعور.

صديقنا الأستاذ توفيق الحكيم تخيلني في بعض كتبه قد دخلت الجنة، وذهبت أطوف في أرجائها عسى أن أرى وجهة مكتبة أقف أمامها، وأتأمل عناوين الكتب فيها، فلما طال بي المطاف، ولم أجد مكتبة ولا كتبا ضجرت منها، وطفقت أقول: «ما هذا؟! ... جنة بغير كتب؟!»

وصديقنا الحكيم لم يبالغ في تخيله؛ لأنني فعلا لا أستطيع أن أعيش في جنة لا أطلع فيها ... نعم لا أطلع فيها، وليس من الضروري أن أقرأ في كتاب ...

وأود أن ألفت القارئ إلى هذا الفارق المهم جدا في نظري بين القراءة والاطلاع ...

অজানা পৃষ্ঠা