وكيف يكون الحب ترجمانا لإرادة النوع، ثم لا ينطق بكل عاطفة يتسع لها كيان الإنسان؟! •••
يسألونك عن الحب، قل هو اندفاع جسد إلى جسد، واندفاع روح إلى روح ...
ويسألونك عن الروح، فماذا تقول؟
قل هي من أمر ربي ... خالق الأرواح!
لهذه الكثرة الزاخرة في عناصر الحب، تكثر العجائب في العلاقات بين المحبين فيجمع الحب بين اثنين لا يخطر على البال أنهما يجتمعان ...
ويتكرر الحب في حياة الإنسان الواحد حتى ليكون المحبوب اليوم على نقيض المحبوب بالأمس في معظم المزايا ومعظم الصفات ...
ويتقارب البعيدان، ويتباعد القريبان، ويتجدد القلبان بين آونة وأخرى كأنها من طبيعة الجان، والواقع أن العاطفة حرارة ونار، ولا فرق بين طبيعة الجان وطبيعة النيران ...
إلا أن القلوب أقرب إلى التناسب والتجاوب إذا هي تناسبت في العمر، وتجاوبت في المزاج، وحب الفتى للفتاة كحب الفتاة للفتى لا يدوران على الجسد وحده كما قد يخطر على البال، ولكنهما يتناسبان ويتجاوبان؛ لأنهما ينظران إلى الدنيا بعين واحدة، ويستقبلان الحياة بشوق واحد، ويطربان ويغضبان على نحو واحد، ويعطيهما الجسدان المتشابهان فرصة واحدة للتفاهم على الآراء، وتبادل الخواطر والأهواء.
فلا تجاوب بين المحبين أقرب ولا أعم، ولا أقوى من تجاوب العمر والمزاج ...
ولكن اختلاف السن قد يفتح الأبواب لداعية من دواعي التجاوب بين النفسين لا تتوافر في السن الواحدة على الدوام. وحاجة نفس إلى عطف الأبوة، وطمأنينة التجربة، وسكينة الرضى قد تقابلها حاجة نفس إلى دفء العاطفة، وحماسة الرغبة، وإسداء العطف والرعاية، فتقبل النفس على النفس، ويعتصم الضمير بالضمير، ويقع التبادل بين بضاعتين مختلفتين لا بين بضاعة واحدة من كلا الطرفين. ولكنها الندرة التي لا يقاس عليها، والمصادفة التي لا تنتظم في حساب، وكأنما يختلقها الحب اختلافا ليفتح باب الشك فيه، ويبطل اليقين في أمره، وهو لا يتقي خطرا من الأخطار كما يتقي خطر اليقين الجازم والضياء الحاسم؛ فالحب بخير ما دام في القلب باب للشك مفتوح ... فإذا أوصد الباب مصراعيه على يقين لا شك فيه، فالحب مارد في قمقم مأمون، أو رفات في قبر مدفون ...
অজানা পৃষ্ঠা