فقال: أسترزق. ربك كريم يا سيد أفندي.
وكان ركاب العربة في هذه الأثناء يختلسون النظرات نحوي، ويتكلمون بأصوات خافتة، ثم استرعى سمعي ضحك عال ينبعث منهم عندما قال أحدهم: قوموا بنا لنبيع التذاكر ونعود يا عم علي.
فرد عم علي قائلا: ربك يستر يا شيخ عفيفي، ويجعل الدور اليوم على المعيز.
وعلت ضحكة أخرى أطول من الأولى، واستمر الركاب ينظرون نحوي ويتهامسون، وسألني حمادة قائلا: ماذا تريد أن تشتري؟
فقلت له في شيء من المباهاة: قطن طبعا.
وسمعني أحد الركاب، وكان إلى جانبي فصاح قائلا: أبشروا يا جماعة ... فرجت! الأفندي تاجر قطن!
فصاح الشيخ عفيفي: أبشر يا عم علي.
فقال الشيخ علي: قلت لكم من الأول. الأفندي أكبر من البيض والفراخ.
وعاد الضحك وصار عاما، وشاركت فيه؛ لأني بدأت أفهم سبب التهامس والمزاح، وأخذ الجميع يتحدثون عما حدث في يوم الثلاثاء الماضي عندما جاء أفندي من الإسكندرية واشترى كل ما كان في السوق من الدجاج والبيض بأثمان عالية؛ لأنه من الموردين للجيوش؛ ولهذا لم يقدر عم علي والشيخ عفيفي على شراء شيء منها وهما من تجار الدجاج، فلما رآني الركاب حسبوا أني أفندي آخر جئت لأزاحم في شراء الدجاج والبيض كما فعل الآخر، وكانوا يتبادلون الفكاهات عني وأنا غافل عنهم، وكانت هذه الغلطة موضوعا جديدا للفكاهة استمر الركاب يتناقلونه مدة طويلة، فسهل علينا قطع الطريق.
وسألني جاري عن اسمي، فلما قلته له عرف أبي وأخذ يترحم عليه، وبدأ الآخرون يتوددون إلي عندما أخذ جاري يعرفهم بأبي ويذكرهم به.
অজানা পৃষ্ঠা