140

فجذبته من ذراعه في شيء من القسر وقلت له: الوقت ضيق وأريد أن أحدثك حديثا هاما فيه مصلحتك.

فقام وهو لا يكاد يستقيم من السكر، وسرت به خارجا من الحانة متجها به إلى شاطئ الترعة.

وكأنه أحس بالخطر، فقاومني وجاذبني قائلا: «لم تجرني هكذا.»

ولم أجبه حتى بلغت جانب الترعة، وكان خاليا من المارة والنسيم باردا والجو صامتا، وهززت ذراعه في عنف قائلا: اسمع يا حمادة، أنت تعرف ما كان بيني وبين السيد أحمد جلال عندما كنت أنت تخدمه وتجمع الجموع بالعصي لتقولوا لي: «يلا من هنا.» لا تحاول أن تحتج ولا أن تعتذر، فإني لا أقصد أن ألومك على ما فعلت، بل أريد أن أذكرك بأن السيد أحمد جلال قد انتهى وأنه لم يبق إلا امرأته وابنته منى، أنت تعرف أنهما امرأتان وحيدتان وسأقف بجانبهما، ولن أتردد في شيء إذا اضطررت إلى الدفاع عنهما، قل ما تشاء، واذهب في طول المدينة وعرضها فشنع علي كما تريد، ولكن اعلم أني سأستخدم كل الأسلحة في الدفاع والهجوم حتى أخلصهما من مؤامرتك القذرة.

فصاح في تحد: ما هذا الكلام يا سي سيد؟ أي مؤامرة؟

فقلت له وأنا أكتم غضبي: نحن الآن هنا وحدنا، فلك أن تقول لي ما تشاء، ولي أن أقول لك ما أشاء، نحن هنا وجها لوجه تتكلم بصراحة وحوش الغابة: ثعلب أمام ذئب أو ذئب أمام ضبع يريدان الفصل في معركة حتى الموت.

اسمع يا حمادة، أنا أقصد كل كلمة أقولها لك، ولن أتردد في أن أحطم رأسك بيدي مهما كانت النتيجة.

فضحك ضحكة وقحة، وقال مقهقها: كاتب عظيم والنبي، أهذه قصة تريد أن تمثلها معي؟

ثم عاد فضحك مقهقها.

فكدت أخبطه بقبضة يدي في أسنانه الصفراء، ولكني شعرت كأنه ألقى علي «جردلا» من الماء البارد، فتماسكت وعاودت الكرة: لست أهزل ولست أمثل، بل أقصد كل كلمة أقولها لن أدعهما لألاعيبك التي أعرفها.

অজানা পৃষ্ঠা