وقلت له هادئا: وماذا يدعوك إلى تحطيمي؟
فزاد حنقا من هدوئي، واستمر يخبط بيديه الاثنتين على المكتب كأنه ثور مسعور، وانتفخت أوداجه حتى كأنه يريد أن ينفلق.
وتذكرت موقفي القديم من السيد أحمد جلال، وما قلته له عندما هددني فاندفعت صارخا في وجهه: اعلم أنك لا تقدر أن تحطمني ولا أن تكسرني، ومن أنت حتى تحطمني؟ لست إلها ولست صاعقة، وما أنت إلا بشر مثلي، لا تصدق أنك تستطيع أن تحطم أحدا إلا إذا كان هو يحطم نفسه، إنك أنت تحطم نفسك بمثل هذا الغرور الذي يجعلك تظن أنك إله، ليكن سلطانك ما يكون فإنك لن تجد سبيلا علي؛ لأني لا أطمع في شيء عندك.
وقمت لأنصرف، فتمسك بي أتباعه وأجلسوني قسرا، وتعجبت من الزعيم الكبير عندما رأيته يهدأ على أثر دفعتي، بل إنه أخذ يخاطبني خطابا لينا، ويقول لي في هدوء: «إنك أسأت فهمي ولم أقصدك بكلمتي، وما أنت إلا مثل ولدي.»
ولم أبق في المجلس بعد ذلك إلا ريثما يهدأ الجو بعد المنظر العاصف، ثم قمت خارجا فقام ورائي عدد من الأتباع، وجعلوا يلومونني على أني رفعت صوتي في حضرة الزعيم الذي لا يجرؤ وزير على أن يرفع صوته أمامه.
فقلت لهم في هدوء: أحمد الله على أن لي صوتا أرفعه.
ثم مضيت من ساعتي إلى «بريد الأحرار» لأكتب مقالا آخر عن «الزعماء المزيفين».
الفصل الرابع عشر
عندما دخلت في اليوم التالي على الأستاذ علي مختار، بادرني قائلا: عظيم يا أستاذ سيد!
وكان منهمكا في قراءة المقال الذي كتبته في الليلة السابقة، فلما أتم القراءة نظر إلي حينا في صمت ثم قال: عندي مهمة لا يقوم بها على أتم وجه إلا أنت.
অজানা পৃষ্ঠা