وَإِذا عَاهَدَ غدر وَإِذا خَاصم فجر فَأخْبر أَنه من كَانَت فِيهِ خصْلَة مِنْهُنَّ كَانَت فِيهِ خصْلَة من النِّفَاق وَقد ثَبت فِي الحَدِيث الصَّحِيح أَنه قَالَ لأبي ذَر إِنَّك امْرُؤ فِيك جَاهِلِيَّة وَأَبُو ذَر ﵁ من أصدق النَّاس إِيمَانًا وَقَالَ فِي الحَدِيث الصَّحِيح أَربع فِي أمتِي من أَمر الْجَاهِلِيَّة الْفَخر بِالْأَحْسَابِ والطعن فِي الْأَنْسَاب والنياحة وَالِاسْتِسْقَاء بالنجوم وَقَالَ فِي الحَدِيث الصَّحِيح لتتبعن سنَن من كَانَ قبلكُمْ حَذْو القذة بالقذة حَتَّى لَو دخلُوا جُحر ضَب لدخلتموه قَالُوا الْيَهُود وَالنَّصَارَى قَالَ فَمن وَقَالَ أَيْضا فِي الحَدِيث الصَّحِيح لتأخذن أمتِي مَا أخذت الْأُمَم قبلهَا شبْرًا بشبر وذراعا بِذِرَاع قَالُوا فَارس وَالروم قَالَ وَمن اناس إِلَّا هَؤُلَاءِ وَقَالَ ابْن أبي مليكَة أدْركْت ثَلَاثِينَ من أَصْحَاب مُحَمَّد ﷺ كلهم يخَاف النافق على نَفسه وَعَن عَليّ أَو حُذَيْفَة ﵄ قَالَ الْقُلُوب أَرْبَعَة قلب أجرد فِيهِ سراج يزهر فَذَلِك قلب الْمُؤمن وقلب أغلف فَذَاك قلب الْكَافِر وقلب منكوس فَذَاك قلب الْمُنَافِق وقلب فِيهِ مادتان مَادَّة تمده الْإِيمَان ومادة تمده النِّفَاق فَأُولَئِك قوم خطلوا عملا صَالحا وَآخر سَيِّئًا وَإِذا عرف هَذَا علم أَن كل عبد ينْتَفع بِمَا ذكر الله فِي الايمان من مدح شعب الايمان وذم شعب الْكفْر وَهَذَا كَمَا يَقُول بَعضهم فِي قَوْله اهدنا الصِّرَاط الْمُسْتَقيم فَيَقُولُونَ الْمُؤمن قد هدى إِلَى الصِّرَاط الْمُسْتَقيم فَأَي فَائِدَة فِي طلب الْهدى ثمَّ يُجيب بَعضهم بِأَن المُرَاد ثبتنا على الْهدى كَمَا تَقول الْعَرَب للنائم نم حَتَّى آتِيك أَو يَقُول بَعضهم ألزم قُلُوبنَا الْهدى فَحذف الْمَلْزُوم وَيَقُول بَعضهم زِدْنِي هدى وَإِنَّمَا يوردون هَذَا السُّؤَال لعدم تصورهم الصِّرَاط الْمُسْتَقيم الَّذِي يطْلب العَبْد الْهِدَايَة إِلَيْهِ فَإِن المُرَاد بِهِ الْعَمَل بِمَا أَمر الله بِهِ وَترك مَا نهى الله عَنهُ فِي جَمِيع الْأُمُور وَالْإِنْسَان وَإِن كَانَ أقرّ بِأَن مُحَمَّدًا رَسُول الله وَأَن الْقُرْآن حق على سَبِيل الْإِجْمَال فَأكْثر مَا يحْتَاج إِلَيْهِ من الْعلم بِمَا يَنْفَعهُ ويضره وَمَا أَمر بِهِ وَمَا نهى عَنهُ فِي تفاصيل الْأُمُور وجزئياتها لم يعرفهُ وَمَا عرفه فكثير مِنْهُ لم يعمله وَلَو قدر أَنه بلغه كل امْر وَنهى فِي الْقُرْآن وَالسّنة فالقرآن وَالسّنة إِنَّمَا تذكر فيهمَا الْأُمُور الْعَامَّة الْكُلية لَا يُمكن غير ذَلِك لَا يذكر مايخص بِهِ كل عبد وَلِهَذَا أَمر الْإِنْسَان فِي مثل ذَلِك بسؤال الْهدى إِلَى الصِّرَاط الْمُسْتَقيم وَالْهدى إِلَى الصِّرَاط الْمُسْتَقيم يتَنَاوَل هَذَا كُله يتَنَاوَل التَّعْرِيف بِمَا جَاءَ بِهِ الرَّسُول مفصلا ويتناول التَّعْرِيف بِمَا يدْخل فِي أوامره الكليات ويتناول
1 / 11