بِذكرِهِ وفضلني على كثير مِمَّن خلق تَفْضِيلًا وَإِذا أَوَى إِلَى فرَاشه يَقُول اللَّهُمَّ أَنْت خلقت نَفسِي وَأَنت توفاها لَك مماتها ومحياها إِن أَمْسَكتهَا فارحمها وَإِن أرسلتها فاحفظها بِمَا تحفظ بِهِ عِبَادك الصَّالِحين وَيَقُول بِاسْمِك اللَّهُمَّ أَمُوت وَأَحْيَا
فصل وَمن أمراض الْقُلُوب الْحَسَد كَمَا قَالَ بَعضهم فِي حَده إِنَّه أَذَى يلْحق بِسَبَب
الْعلم بِحسن حَال الاغنياء فَلَا يجوز أَن يكون الْفَاضِل حسودا لِأَن الْفَاضِل يجرى على مَا هُوَ الْجَمِيل وَقد قَالَ طَائِفَة من النَّاس إِنَّه تمنى زَوَال النِّعْمَة عَن الْمَحْسُود وَإِن لم يصر للحاسد مثلهَا بِخِلَاف الْغِبْطَة فَإِنَّهُ تمنى مثلهَا من غير حب زَوَالهَا عَن المغبوط وَالتَّحْقِيق أَن الْحَسَد هُوَ البغض وَالْكَرَاهَة لما يرَاهُ من حسن حَال الْمَحْسُود وَهُوَ نَوْعَانِ أَحدهمَا كَرَاهَة للنعمة عَلَيْهِ مُطلقًا فَهَذَا هُوَ الْحَسَد المذموم وَإِذا أبْغض ذَلِك فَإِنَّهُ يتألم ويتأذى بِوُجُود مَا يبغضه فَيكون ذَلِك مَرضا فِي قلبه ويلتذ بِزَوَال النِّعْمَة عَنهُ وَإِن لم يحصل لَهُ نفع بزوالها لَكِن نَفعه بِزَوَال الْأَلَم الَّذِي كَانَ فِي نَفسه وَلَكِن ذَلِك الْأَلَم لم يزل إِلَّا بِمُبَاشَرَة مِنْهُ وَهُوَ رَاحَة وأشده كَالْمَرِيضِ فَإِن تِلْكَ النِّعْمَة قد تعود على الْمَحْسُود وَأعظم مِنْهَا وَقد يحصل نَظِير تِلْكَ النِّعْمَة مَا أنعم بِهِ على النَّوْع وَلِهَذَا قَالَ من قَالَ إِنَّه تمنى زَوَال النِّعْمَة فَإِن من كره النِّعْمَة على غَيره تمنى زَوَالهَا وَالنَّوْع الثَّانِي أَن يكره فضل ذَلِك الشَّخْص عَلَيْهِ فَيجب أَن يكون مثله أَو أفضل مِنْهُ فَهَذَا حسد وَهُوَ الَّذِي سموهُ الْغِبْطَة وَقد سَمَّاهُ النَّبِي ﷺ حسدا فِي الحَدِيث الْمُتَّفق عَلَيْهِ من حَدِيث ابْن مَسْعُود وَابْن عمر ﵄ قَالَ لَا حسد إِلَّا فِي اثْنَتَيْنِ رجل آتَاهُ الله الْحِكْمَة فَهُوَ يقْضِي بهَا وَيعلمهَا وَرجل آتَاهُ الله مَالا وسلطه على هَلَكته فِي الْحق هَذَا لفظ ابْن مَسْعُود وَلَفظ ابْن عمر رجل آتَاهُ الله الْقُرْآن فَهُوَ يقوم بِهِ آنَاء اللَّيْل وَالنَّهَار وَرجل آتَاهُ الله مَالا فَهُوَ ينْفق مِنْهُ
1 / 14