الآية ٢٩) . وقوله: ﴿فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا﴾ [الروم: ٣٠] (سورة الروم: من الآية ٣٠) . وتوجيه الوجه كقول الخليل: ﴿إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفًا وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ﴾ [الأنعام: ٧٩] (سورة الأنعام: آية ٧٩) . وكذلك كان النبي ﷺ، يقول في دعاء الاستفتاح في صلاته: «وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفا وما أنا من المشركين» وفي الصحيحين عن البراء بن عازب عن النبي ﷺ، مما يقول إذا أوى إلى فراشه: «اللهم أسلمت نفسي إليك ووجهت وجهي إليك»
فالوجه يتناول المتوجه والمتوجه إليه، ويتناول المتوجه نحوه كما يقال: أي وجه تريد؟ أي أي وجهة وناحية تقصد، وذلك أنهما متلازمان، فحيث توجه الإنسان توجه وجهه، ووجهه مستلزم لتوجهه، وهذا في باطنه وظاهره جميعا، فهذه أربعة أمور، والباطن هو الأصل، والظاهر، هو الكمال والشعار، فإذا توجه قلبه إلى شيء تبعه وجهه الظاهر، فإذا كان العبد قصده ومراده وتوجهه إلى الله فهذا صلاح إرادته وقصده، فإذا كان مع ذلك محسنا فقد اجتمع أن يكون عمله صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا، وهو قول عمر ﵁: اللهم اجعل عملي كله صالحا واجعله لوجهك خالصا، ولا تجعل لأحد فيه شيئا، والعمل الصالح هو الإحسان، وهو فعل الحسنات وهو ما أمر الله به، والذي أمر الله به هو الذي شرعه الله، وهو الموافق لسنة الله وسنة
1 / 59