يحصل له أذى؛ فإن لم يحلم ويصبر كان ما يفسد أكثر مما يصلح: كما قال لقمان لابنه: ﴿وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ﴾ [لقمان: ١٧] (سورة لقمان: من الآية ١٧) . ولهذا أمر الله الرسل - وهم أئمة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر - بالصبر، كقوله لخاتم الرسل؛ بل ذلك مقرون بتبليغ الرسالة؛ فإنه أول ما أرسل أنزلت عليه سورة: " يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ " بعد أن أنزلت عليه سورة: " اقرأ " التي بها نبئ فقال: ﴿يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ - قُمْ فَأَنْذِرْ - وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ - وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ - وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ - وَلَا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ - وَلِرَبِّكَ فَاصْبِرْ﴾ [المدثر: ١ - ٧] (سورة المدثر: الآيات ١-٧) . فافتتح آيات الإرسال إلى الخلق بالأمر بالنذارة، وختمها بالأمر بالصبر، ونفس الإنذار أمر بالمعروف ونهي عن المنكر؛ فعلم أنه يجب بعد ذلك الصبر، وقال: ﴿وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا﴾ [الطور: ٤٨] (سورة الطور: من الآية ٤٨) . وقال تعالى: ﴿وَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاهْجُرْهُمْ هَجْرًا جَمِيلًا﴾ [المزمل: ١٠] (سورة المزمل: آية ١٠) . ﴿فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ﴾ [الأحقاف: ٣٥] (سورة الأحقاف: من الآية ٣٥) . ﴿فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلَا تَكُنْ كَصَاحِبِ الْحُوتِ﴾ [القلم: ٤٨] (سورة القلم: من الآية ٤٨) ﴿وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ﴾ [النحل: ١٢٧] (سورة النحل: من الآية ١٢٧) . ﴿وَاصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ﴾ [هود: ١١٥] (سورة هود: آية ١١٥) .
فلا بد من هذه الثلاثة: العلم، والرفق، والصبر. العلم قبل الأمر والنهي، والرفق معه، والصبر بعده، وإن كان كل من الثلاثة مستصحبا
1 / 20