আমির ওমর তুসুন

কালিনি ফাহমি d. 1373 AH
59

আমির ওমর তুসুন

الأمير عمر طوسون: حياته – آثاره – أعماله

জনগুলি

إطلاق الحرية الشخصية لكل فرد في تصرفه ما دام لا يجر ضررا؛ فمن الناس من يشتغل في الحياة ويكد فيها ويجمع منها ثروة طائلة يكفيه منها جزء قليل، ويريد أن تكون هذه الثروة محفوظة لذراريه وحفدته طبقة بعد طبقة؛ لينتفعوا منها من بعده، وليبقى اسمه مذكورا بينهم معروفا بين الناس. فالوقف هو الذي يضمن له ذلك، وهو الذي يؤدي إلى هذا الغرض النبيل الذي قصد إليه، وبدون الوقف لا يتم له هذا الغرض. فلماذا نفوت عليه غرضه هذا ونمنعه ونحول بينه وبين إرادته؟! إن الأشخاص الذين يريدون حل الأوقاف التي يستحقون ريعها لا يحملهم على ذلك إلا الفائدة العاجلة التي تنالهم من هذا الحل، وهم في الواقع لا يستحقونها؛ لأن من كان يستحق قبلهم لو صنع بالوقف مثل ما يريدون أن يصنعوا به لما وجدوا شيئا يحلونه ويتصرفون فيه، وهم لو فكروا قليلا لعرفوا أن الذريات التي سيرزقون بها ستنطلق ألسنتهم بالسخط على تصرفهم هذا بدلا من الترحم عليهم والدعاء لهم. (7)

رجوع الوقف على الذراري مآله إلى الخير، وبهذا كثر الوقف الخيري، وضخمت موارده في البلاد الإسلامية؛ لأن الذين يقفون أملاكهم للخير مباشرة عددهم قليل جدا، فلولا الأوقاف الأهلية التي مآلها إلى الخير لما كانت موارد الأوقاف الخيرية بهذه الضخامة. (8)

سلامة رأس العين وبقاؤها رغم كل سوء تصرف، وهذا ما ينفرد الوقف به عن سائر المؤسسات الأخرى التي قصد إلى بقائها كأملاك الجمعيات والشركات؛ فإن سوء التصرف يأتي عليها ويذهب بها عينا وأثرا دون الوقف؛ ومع ذلك فلم تفكر الحكومات ولا أحد في منع تأسيس هذه الجمعيات أو الشركات بعلة أنها عرضة لسوء التصرف وإلحاق الضرر بالمساهمين فيها.

وبعد، فالوقف على الذرية جم الفوائد كثير المنافع، وليس فيه في نظرنا من عيب اللهم إلا حرية المستحقين لريعه في التداين على هذا الريع؛ فإذا منعوا من ذلك سلم الوقف من كل عيب. هذا عدا مسألة النظارة، وللحكومة أن تتصرف فيها كما تشاء، بما يضمن وصول الحقوق إلى ذويها من المستحقين.

الفصل السادس عشر

المرأة والعمل في رأي سمو الأمير عمر طوسون

قد تكلمنا في مسألة المرأة والعمل أكثر من مرة. وقد نشرت الجرائد رأينا في هذا الموضوع فيما مضى؛ فقد قلنا ولا زلنا نكرر القول: إن الأولى بها أن تلزم عقر دارها، وتعنى بتربية أولادها. وليس لها أن تخرج عن محيط البيت إلى ميدان الأعمال، وتزاحم في ذلك الرجال، وتسبب لهم البطالة والعطلة، بل الأجدر بها أن تكون قدوة حسنة في حياتها العملية والعلمية، وتطرح وراء ظهرها هذه المزاحمة الممقوتة وما ينشأ عنها من الاختلاط الضار بها، وأن يكون رائدها في كل ما تعمل وتفعل تعاليم دينها الحنيف؛ فيزداد إيمانها بالله تعالى، وتقوى فيها عاطفة الدين؛ فيكون لها منه الواعظ المخلص والمرشد الأمين.

ولا شك أن المنزل وحده هو ميدان العمل الصالح للمرأة؛ فإذا وجهت إليه عنايتها، وقصرت عليه أعمالها، وتولت الإشراف عليه بنفسها، كان في ذلك سعادتها وسعادة زوجها وأولادها. وبسعادة الأزواج والأولاد تسعد الأمة وترقى البلاد، وعلى النقيض من ذلك إذا عملت المرأة خارج المنزل، وزاحمت الرجال في أعمالهم، واضطرت لذلك إلى مخالطتهم؛ أهمل المنزل الذي هو كيان الأسرة، وتغيرت طباع الأولاد وعاداتهم وخلالهم ، ونجم من هذا كله أضرار جمة تنشأ عنها أمراض اجتماعية كثيرة تنتشر وتكون حربا عوانا على العباد والبلاد.

وليس مما يروق أعيننا أن نرى المرأة المصرية تزاحم الرجال في ميادين الأعمال، مقلدة في ذلك المرأة الأوروبية مع أن الفرق بينهما كبير. فالواجب عليها ألا تجاري الأوروبية هذا المضمار الكثير المضار، والذي يشكو قادة الفكر في أوروبا من انسياق النساء فيه، وأن تعود إلى حلبة أعمالها في المنزل؛ فذلك أبقى على احترام تقاليد بلادها الشرقية وصونها من العبث.

ومع ذلك، فإننا نرى زعماء أمم أوروبا التي تريد المرأة المصرية أن تجاري نساءها في هذا الشأن، بل رؤساء حكوماتها، يقروننا على أن البيت هو البيئة الصالحة لتظهر فيه المرأة كفايتها العملية. وينبغي لها أن توليه عنايتها وتحصر فيه أعمالها.

অজানা পৃষ্ঠা