আমির ওমর তুসুন

কালিনি ফাহমি d. 1373 AH
58

আমির ওমর তুসুন

الأمير عمر طوسون: حياته – آثاره – أعماله

জনগুলি

والنوع الثاني: الوقف على الذرية ثم من بعدهم على وجه من وجوه الخير المذكورة. وهذا هو موضع الخلاف.

فالكثيرون من فقهاء المسلمين يقولون بصحته، ناظرين في ذلك لمآله إلى الخير. والأقلون لا يرون ذلك، ولكن العمل في بلاد الإسلام جرى على قول القائلين بصحته، فأصبح الوقف على الذرية من تقاليدنا الإسلامية التي مرت عليها القرون العديدة، فتأصلت جذورها، وثبتت دعائمها وأصولها في عامة بلاد الإسلام شرقا وغربا، وأقرها فقهاء المسلمين وقضاتهم ومحاكمهم وخلفاؤهم وملوكهم وأمراؤهم، وجرى العمل بها على أيديهم وتحت أنظارهم حتى قلما تجد بلدا إسلاميا صغيرا أو كبيرا خاليا من الوقف على الذراري.

فالواقع أن هذا النوع من الوقف إن لم يكن شرعيا في أصله على زعم بعض الزاعمين فهو على الأقل عمل جرى به العرف، وكل ما جرى به العرف من المسائل وأقره أولياء الأمور، فقد أصبح ملتحقا بالأمور الشرعية التي يصح بقاؤها على ممر الأيام، خصوصا إذا كانت الفوائد التي تجنى منه من الأمور المسلم بها. ولا شك أن هذه الفوائد محققة، ولولا ذلك ما صدر الوقف على الذراري من أكابر المسلمين جيلا بعد جيل حتى وصل إلينا.

فجمهرة الواقفين وهم من أكابر الأمة الإسلامية ما حملهم على صدور هذا النوع من الوقف منهم إلا ما تحققوه من عائدته على ذراريهم وعلى البلاد بالفوائد والمنافع من وجوه شتى.

وإليك ما حضر ببالنا منها: (1)

حفظ ثروة البلاد، وبقاء أعيان هذه الثروة دون أن يلحقها بيع ولا رهن. وعندي أنه ينبغي أن يحرم أيضا على الموقوف عليهم رهن ريعه، أو بمعنى أصح التنازل للغير عن هذا الريع، وكذلك الحجز على ريع المستحقين بالأوقاف، وللحكومة سابقة في ذلك في المرسوم الذي صدر منها عندما استبدلت بمخصصات الخديوي إسماعيل باشا وعائلته أطيانا من أملاكها، واشترطت وقفها لهم ولذريتهم. فلو جعل ذلك بمرسوم قانون لامتنع ما هو حاصل الآن وشكت منه وزارة الأوقاف على صفحات الجرائد. فقد ذكرت «الأهرام» أن الأوقاف الأهلية التي تديرها الوزارة مدينة بنحو المليونين من الجنيهات بينما ريعها لا يجاوز ثمانين ألفا. فيجدر بالذين قاموا بالضجة حول الأوقاف الأهلية أن يطالبوا بمنع هذا الضرر لتسلم أعيان الوقف وريعها لمستحقيها كاملة غير منقوصة. (2)

صون البيوتات العريقة من الاندثار، وحفظ أفراد الأسر الكريمة من الضياع والفاقة، وهذا مشاهد محسوس. فلولا الأوقاف لما وجد كثير من أبناء هذه البيوتات ما يعيشون منه. (3)

ما يكتسبه أهل الثراء عادة من محاسن الخلال. فالحاجة تدعو إلى الملق والذلة، والثروة تربي في النفس الشجاعة والشهامة والصراحة والحرية، وغير ذلك من الفضائل التي يبنى عليها تقدم البلاد ورقيها. (4)

بقاء الأعيان الموقوفة سليمة متجددة على ممر الدهور والأعوام. وفي ذلك ما فيه من عمارة البلاد واستبحار العمران فيها. (5)

قد يخرج من أبناء الواقف وذراريهم من يكون مبذرا سفيها. فإذا وجد أمامه هذا السد المنيع - أعني هذا الوقف - لطف ذلك من طباعه، وخفف من تبذيره، وضيق من سوء تصرفه. (6)

অজানা পৃষ্ঠা